وانزلفت الأكاديمية نفسها-حتى أيقضها ديكلوس بعد انتخابه ١٧٤٦ - إلى شكليات غامضة وضآلة مبعثها الجبن والحذر.
وكانت حرية الفكر والكلام النسبية في عهد الوصاية الخطير قد شجعت على مضاعفة عدد المؤلفين والناشرين والمكتبات. واندس من يطبعون وينشرون ويبيعون الكتب في كل مكان، حتى على الرغم من أنه يتقدم القرن، أصبحت هذه التجارة خاسرة، وكان في باريس وحدها منهم كلهم تقريباً فقراء معدمون. وانتشرت المكتبات في كثير من المدن، وكان في بعضها حجرات للمطالعة مفتوحة للجماهير، نظير رسم دخول ضئيل (٤٠ سو) وقل أن كان التأليف مهنة كافية لكسب القوت، ولذلك كانت تكمل عادة بعمل آخر، فكان كريبيون الأكبر كاتباً لدى موثق عقود، وكان روسو ينسخ الموسيقى. واستطاع نفر قليل من مشاهير الكتاب أن يبيعوا إنتاجهم لقاء ثمن عال. ولما أعسر موريفو بسبب انهيار نظام لو، استطاع أن يصلح ماليته ويسترد ثروته برواياته ومسرحيته "ماريان"، وقبض روسو، وهو عادة فقير، خمسة آلاف جنيه عن كتابه "اميل". وكان حق الطبع القانوني الوحيد هو الترخيص الملكي بالنشر وكان في هذا حماية للمؤلف من السطو على كتابه في فرنسا، ولكن ليس من السطو وطبعه خارجها، وكان هذا الترخيص يمنح لمن يكفل المراقبون الرسميون خلو كتابه مما يسئ إلى الكنيسة أو الدولة. وكان يمكن للأفكار الجديدة أن تتخطى هذه العقبة بإخفاء مادة الكتاب أو الهرطقة في أسلوب مقنع. فإذا لم تنجح هذه الخدعة، فقد يعمد المؤلفين إلى إرسال المخطوط إلى أمستردام أو جنيف، أو أية مدينة أجنبية أخرى، ليطبع هناك بالفرنسية ويوزع في الخارج، ويتداول سراً في فرنسا.
وأدى اتساع الطبقة الوسطى وانتشار التعليم وتجمع المفكرين في باريس إلى خلق جمهور متلهف على الكتب، ونهضت مجموعة كبيرة من المؤلفين لتلبية هذا المطلب وإشباع هذه الرغبة. وأثار ضعف الدولة في عهد لويس