وكان أعظم كاتب مسرحي في ذاك العصر، بطبيعة الحال، فولتير. وكان له منافسون كثيرون، من بينهم بروسبو جولتون دي كربيون، وهو معمر عجوز كان ينبغي له أن يفارق الحياة منذ أمد طويل. وكان كربيون قد أنتج فيما بين عامي ١٧٠٥ و١٧١١ روايات ناجحة ثم اقتنع بالفشل المحتوم لروايته "اجزرسيس" ١٧١٤، وهنا كانت نهايته، وكان قد انقطع عن التأليف، وبات يعاني الفقر، ويجد بعض السلوى في مسكن على السطح مع مجموعة لطيفة من عشر كلاب وخمسة عشر قطاً وبعض الغرابيب السود. وفي ١٧٤٥ أنقذته مدام دي بمبادور بمعاش ووظيفة عاطلة (يقبض راتباً ولا يؤدي عملاً)، واتخذت التدابير الطبع مجموعة أعماله في مطبعة الحكومة. وقصد إلى فرساي ليقدم لها الشكر. ولما كانت هي مريضة، فقد استقبلته وهي ملازمة الفراش، فلما انحنى ليقبل يدها دخل لويس الخامس عشر، فصاح ابن السبعين "مولاتي، لقد وقعت الكارثة، إن الملك فاجأنا معاً"(١٢). وسر الملك بومضة الذكاء وسرعة البديهة وانضم إلى بمبادور في حثه على إكمال روايته "كاتيلين وكان قد أهملها وشهدتها مدام بمبادور والحاشية، ونال العرض الأول الاستحسان (١٧٤٨). واهتز كربيون طرباً من جديد لما أصاب من شهرة ومال. وفي ١٧٤٥ وهو في الثمانين أخرج آخر رواياته. وعمر بعد ذلك ثمان سنين، سعيداً بحيواناته.
ولم يطب فولتير نفساً بظهور منافس له من بين القبور، ولكن كان عليه أيضاً أن يواجه في الملهاة منافسه ماريفو المتعدد الجوانب الشديد الانفعال إن بيير كارل دي شمبلين دي ماريفو أصبح هجاءً حين رأى بمحض الصدفة، حبيبته ذات السبعة عشر ربيعاً تطبق عملياً مفاتنها المغرية أمام المرآة. ودق قلبه مؤقتاً فقط، لأن والده كان المدير الثري لدار سك النقود في ريوم، وكم من شابه أو غادة تاقت نفسها لتكون زوجة بيير. وتزوج من أجل الحب، وأدهش باريس حين عاش حياة جنسية طابعها الرصانة والاعتدال. وانضم إلى صالون مدام دي تنسان، وربما تعلم فيه الدعابة المرحة، والعبارة الرشيقة الإحساس الرقيق، وانتقل كل أولئك إلى رواياته، وتميزت به مسرحياته.