للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هؤلاء السيدات في حالة من التبعية، لأن العقل في الشيخوخة لا يمكن أن يوفر السيطرة التي لم يستطع حتى الشباب والجمال أن يحققاها. ولهذا كان طبيعياً إلى أبعد الحدود في هذه البلاد، إذا لم يكن ثمة قانون يمنع، أن يترك الرجل زوجة ليتزوج بأخرى وأن يباح تعدد الزوجات.

وفي المناخ المعتدل. حيث تحتفظ النساء بمفاتنهن على أكمل وجه، وحيث يتأخر بلوغهن سن النضج، وينجبن في مرحلة متقدمة من الحياة، نجد أن الشيخوخة أزواجهن تتبع شيخوختهن إلى حد ما، وحيث أنهن كن يتمتعن بقدر أكبر من العقل والمعرفة عند الزواج (أكبر من مثيلاتهن في الأقاليم شبه المدارية)، فإن هذا يستوجب وجود نوع من المساواة بين الجنسين، وقانون الاقتصار على زوجة واحدة تبعاً لذلك. وهذا هو السبب في أن الإسلام (مع نظام تعدد الزوجات) دخل بسهولة واستقر في آسيا بقدر ما امتد بصعوبة إلى أوربا، وأن المسيحية استقرت في أوربا وتحطمت في آسيا. وقصارى القول، هذا هو السبب في أن الإسلام أحرز مثل هذا التقدم في الصين، على حين لم تتقدم المسيحية إلا قليلاً (٨٣).

وعند هذه النقطة يتبين مونتسكيو أنه أحل المناخ محل العناية الإلهية عند بوسويه، ويسارع فيضيف إكراماً للرب، احتراساً منقذاً: إن عقول البشر على أية حال خاضعة للعلة الأسمى، الله، الذي يفعل ما يشاء، ويخضع كل شيء لإرادته. وظن بعض اليسوعيين أن مونتسكيو قد عراه الخجل.

وسرعان ما تابع تعميماته الطائشة. ففي "الشرق"، (تركيا وإيران والهند والصين واليابان) يرغم المناخ على حجاب النساء وعزلتهن لأن (الهواء الحار يثير الشهوات) وقد يعرض تعدد الزوجات وأحاد به الزواج على حد سواء للخطر إذا أطلق اختلاط الجنسين كما هو الحال في (بلادنا في الشمال حيث عادات النساء فاضلة بطبيعتها وحيث العواطف هادئة، وحيث يتسلط الحب على القلب تسلطاً وديعاً سوياً إلى حد أن أقل قدر من الحزم والحكمة يكفي لتوجيهه وقيادته) (٨٤). إنها لمتعة أية متعة أن تعيش في مثل هذه