للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كشف عنها لحظة، وفتشنا في الطبيعة كلها فإننا لن نجد شيئاً أسمى من الانطوانيين، حتى ولا جوليان نفسه (وهو إطراء انتزع مني أرجو ألا يجعلني شريكاً في جريمة الردة).

كلا، لم يوجد قط منذ عهده أمير أجدر بحكم الجنس البشري (١٠٤). وواضح أن مونتسكيو حرص في "روح القوانين" على مسالمة المسيحية. إنه اعتراف بوجود الله-فأي حمق أفظع من قضاء وقدر أعمى خلق كائنات ذكية (١٠٥). ولكنه تصور هذا العقل الأسمى كما عبرت عنه قوانين الطبيعة، وهو لا يتدخل فيها مطلقاً. قال فاجيه "إن الله بالنسبة لمونتسكيو هو روح القوانين (١٠٦) "، وقبل المعتقدات الخارقة للطبيعة دعامة ضرورية لقانون أخلاقي لا يلتئم مع طبيعة الإنسان. "ومن الخير أن يكون هناك بعض كتب مقدسة لتكون شريعة مثل القرآن عند المسلمين، وكتب زرادشت عند الفرس، والفيدا عند الهنود، والكتب القديمة عند الصينيين. وإن الشرائع الدينية تكمل القوانين المدنية، وتحدد مدى السيطرة الاستبدادية (١٠٧) ". وينبغي أن تكون الدولة والكنيسة رقيبة كل منهما على الأخرى، كما ينبغي أن تظل كل منهما منفصلة عن الأخرى. وهذا التفريق الكبير بينهما هو أساس هدوء الأمم (١٠٨) ". ودافع مونتسكيو عن الدين ضد بيل (١٠٩). ولكنه أخضعه، مثل أي شيء آخر لتأثير المناخ والخلق القومي: "إن حكومة معتدلة هي أصلح ما يكون للعالم المسيحي، والحكومة المستبدة أصلح للعالم الإسلامي. وإذا اختيرت ديانة تلائم مناخ بلد ما، تتعارض مع مناخ بلد آخر فإن هذه الديانة لن تقوم في هذا البلد الثاني، وإذا أدخلت كان مآلها النبذ والرفض (١١٠) .... والمذهب الكاثوليكي أكثر ما يكون توافقاً مع الملكية، والبروتستانتية مع الجمهورية .... وإذا انقسمت المسيحية لسوء الحظ إلى كثلكة وبروتستانتية، فإن أهل الشمال يعتنقون البروتستانتية، على حين يظل أهل الجنوب متمسكين بالكاثوليكية. والسبب واضح. فإن أهل الشمال يتمسكون، وسيظلون يتمسكون إلى الأبد بروح الحرية والاستقلال، وهذا ما لا يتمتع به أهل الجنوب. فإن الديانة التي لا يكون لها رئيس بارز هي أكثر ملاءمة لهم (١١١).