وعلى الرغم من ذلك استمر يدرس ويبحث. وكان يقول "الدراسة بالنسبة لي هي خير علاج لكل خيبة أمل في الحياة. ولم أجد ضيقاً إلا فرج من كرته ساعة قضيتها في القراءة (١٣٤).
وزار باريس من حين لآخر وسعد بشهرته هناك التي كانت تضارع شهرة فولتير آنذاك (١٧٤٨). ويقول رينال لقد جذب كتاب روح القوانين انتباه كل الشعب الفرنسي. إننا نجده في مكتبات علماءنا ودارسينا وعلى منضدة زينة سيداتنا وعند كل شبابنا المتأنق (١٣٥) ورحبوا بالمؤلف من جديد في الصالونات واستقبلوه في البلاط الملكي، ولكنه قضى معظم الوقت في لابيرد حيث قنع بأن يكون سيداً عظيماً. وسر الإنجليز بالكتاب أيما سرور حتى أنهم طلبوا من أعداداً وفيرة. وفي سنيه الأخيرة كاد أن يصاب بالعمى، وكان يقول "يبدو لي أن الأثير الخفيف من البصر الذي بقي لي ليس إلا فجر اليوم الذي تغلق فيه عيناي إلى الأبد (١٣٦) وفي ١٧٥٤ قصد إلى باريس لإنهاء إيجار بيته هناك، ولكنه أثناء تلك الزيارة أصيب بالتهاب رئوي وقضى نحبه في ١٠ فبراير ١٧٥٥ وهو في السادسة والستين وتناول الأسرار المقدسة الكاثوليكية. وكان الأديب الوحيد الذي شيع جنازته هو ديدرو وهو من أتباع مذهب اللاأدرية (١٣٧) وذاع صيته وامتد أثره على مر القرون. وكتب جيبون:"على مدى أربعين عاماً منذ صدور روح القوانين لم يقبل الناس على قراءة كتاب أو نقده أكثر منه. وليست روح البحث والتحقيق التي أثارها أقل مآثر الكاتب علينا (١٣٨) " وكان جيبون وبلاكستون وبيرك من بين من أفادوا من روح القوانين وعظمة الرومان واضمحلالهم وعده فودريك الأكبر أحسن كتاب بعد كتاب الأمير، ورأت كثرين الكبرى أنه ينبغي أن يكون كتاب الصلوات اليومية لدى الملوك (١٣٩) واقتبست فقرات منه للرجال الذين عينتهم لمراجعة القوانين الروسية. ولم ينقل واضعوا مسودة الدستور الأمريكي عن مونتسكيو نظرية فصل السلطات فحسب بل استبعاد أعضاء الوزارة من الكونجرس كذلك