يتحدثون عن جان دارك أن يكتب لها تاريخاً، ولم يكونوا بعد في فرنسا قد اعترفوا بها قديسة حامية لفرنسا. وبدا للمفكر الحر فولتير أن العناصر الخارقة للطبيعة في أسطورة جان دارك تشد انتباهه إلى معالجة تاريخها معالجة فكاهية. فتحداه ريشيليو أن يحاول ذلك، وكتب فولتير المقدمة في تلك الليلة، ولم تكن مرثيته في ليكوفرير قد نشرت بعد، ولكن صديقه الأخرق نيقولا ثيوريو كان قد قرأها على الملأ على أوسع نطاق. وأستأنفت الأصوات اللاهوتية البغيضة طنينها المزعج حول رأس فولتير.
وفي ١١ ديسمبر وكأنما كان فولتير ظمآناً إلى كسب الأعداء، أخرج قصته لوسيوس جينيوس بروتوس الذي أطاح طبقاً لرواية ليفي بعرش الملك تاركينيوس وأسهم في إقامة الجمهورية الرومانية، وأنكرت المسرحية على الملوك قدسيتهم وعدم جواز انتهاك حرماتهم، ونادت بحق الشعب في تغير حكامه. وشكا الممثلون من أن الرواية خالية من فكرة الحب ووافقت باريس على أنها بدعة خرقاء سخيفة. وسميت المسرحية بعد عرضها ١٦ مرة. وبعد اثنتين وستين عاماً أعيد تمثيلها من جديد، لأن باريس كانت آنذاك تواقة إلى مشاهدة مقصلة لويس السادس عشر.
وفي نفس الوقت كان فولتير قد حصل على ترخيص ملكي بنشر "تاريخ شارل الثاني عشر ملك السويد". وهنا كان الموضوع لا يكاد يسيء إلى لويس الخامس عشر أو الكنيسة، كما يسر الملكة، لأن الرواية تناولت موقف أبيها ستانسلاس بشكل لائق كريم. وظهرت طبعة من ٢٦٠٠ نسخة في الوقت الذي ألغى فيه الترخيص الملكي دون سابق إنذار، وصودرت كل النسخ فيما عدا واحدة احتفظ بها فولتير. واحتج فولتير لدى حامل الأختام فأبلغ أنه قد حدث تغيير في السياسة الخارجية مما كان لزاماً معه إرضاء غريم شارل الثاني عشر وضحيته، وهو أوغسطس "القوي" الذي ما زال ملكاً على بولندة. وقرر فولتير أن يتجاهل أمر الحظر وانتقل متنكراً إلى روان وباشر طبع تاريخه سراً. وفي أكتوبر ١٧٣١ تداوله الناس في حرية مطلقة وأقبلوا على قراءته وكأنه قصص.