وتعليمنا هي التي تنقش على قلوبنا الغضة تلك الأحرف التي ينقحها الزمن ويصقلها. وتعمل القدرة على تثبيتها عميقة في عقولنا، ولا يقدر على محوها إلا الله (٧).
ويصور فولتير أوروزمان رجلاً يتحلى بكل الفضائل بشكل واضح إلا الصبر. إن المسيحيين ليصعقون ويذهلون إذ يرون مسلماً وقوراً مهذباً مثل المسيحيين. وتتولى السلطان الدهشة إذ يرى مسيحية فاضلة، ويرفض أن يحتفظ بحريم، ويعد بالاقتصار على زوجة واحدة. ولكن فولتير كان منصفاً لشخصياته المسيحية كذلك، فهو ينظم أبياتاً عامرة في جمال الحياة المسيحية الحقة. وهناك أسير مسيحي آخر هو نير ستام، وقع في الأسر في طفولته كذلك، ونشأ مع زائير، وفك أساريره حين تعهد بالرجوع ليفتدي بالمال عشرة من الأسرى، ويذهب ثم يعود ليدفع مبلغ الفدية المطلوب من ماله الخاص. ويكافئه أوروزمان بإطلاق سراح مائة لا عشرة فقط من المسيحيين. ولكن نير ستام بحزن لأن زائير ولوسنيان لم يكونا من بين من أطلق سراحهم، ومكان هذا الملك بيت المقدس (١١٨٦ - ١١٨٧). وتناشد زائير السلطان أوروزمان أن يطلق سراح لوسنيان، فيجيبها إلى طلبها. إن الملك العجوز يعتبر زائير في منزلة ابنته ونير ستام في منزلة ابنه. إنها الآن موزعة بين حبها للسلطان الكريم وولائها لأبيها وأخيها وعقيدتهما المسيحية. ويهيب بها لوسنيان أن تتخلى عن السلطان والإسلام معاً: "أواه يا أبنتي، فكري في الدم الزكي الذي يجري في عروقك، دم عشرين ملكاً كلهم مسيحيون مثلي، دم الأبطال، دم المدافعين عن العقيدة، دم الشهداء والقديسين. إنك لا تعرفين مصير أمك، إنك لا تعرفين أنه في نفس اللحظة التي ولدت فيها ذبحها أولئك المتبربرون الذي تعتنقين دينهم البغيض على مرأى مني. إن أخوتك والشهداء الأعزاء يمدون إليك أيديهم من السماء، يريدون أن يحتضنوا أختاً لهم. آه يا ابنتي! تذكريهم! إن الرب الذي خنث عهده، لفظ النفس الخير من أجلنا ومن أجل البشر جميعاً. انظري إلى الجبل المقدس الذي قتل عليه مخلصنا، والمقبرة التي نهض منها ظافراً منتصراً. في كل طريق تمشين فيه سترين خطوات الرب، هل