عشر" ووضع اللمسات الأخيرة على كتابه "رسائل عن الإنجليز" وأخرج مسرحية أخرى (أليد) كما كتب أشياء صغيرة لا تحصى: رسائل، قصائد مدح، اقتراحات، بعض الحكم الساخرة، بعض أغاني الحب-وكلها تتسم بالظرف في نظم رقيق مصقول. وعندما ماتت مضيفته السخية، مدام دي فونتين مارتل، انتقل إلى داره في شارع (لونج بزان) واشتغل بتصدير القمح. ومذ جمع بين التجارة والقصص، فإنه التقى (١٧٣٢) بالسيدة جبرييل اميلي لي تونلييه دي برتيل مركيزة دي شاتيليه، وارتبطت حياته بحياة السيدة الفذة المغامرة حتى وافاه الأجل المحتوم.
وكانت آنذاك في السادسة والعشرين (وهو في الثامنة والثلاثين)، وكانت حياته بالفعل حافلة متعددة الجوانب فهي ابنة البارون دي برتييه، ولذلك تلقت تعليماً غير عادي. حتى أنها في سن الثانية عشر تعلمت اللاتينية والإيطالية وغنت غناء رخيماً، وعزفت على البيان الصغير، وبدأت في سن الخامسة عشرة تترجم الإلياذة إلى الفرنسية شعراً، وأضافت إلى هذا اللغة الإنجليزية ودرست الرياضيات على يدي موبرتوي. وفي التاسعة عشرة تزوجت المركيز فلورنت كلود دي شاتيليه لومونت، وكان في الثلاثين من العمر. وأنجبت له ثلاثة أطفال. ولكن فيما بعد هذا لم يكن للواحد مبهماً يرى الآخر إلا لماماً، حيث كان هو عادة مشغولاً مع فرقته، أما هي فبقيت قريبة من الحاشية وقامرت بمبالغ طائلة، وجربت الحب. فلما هجرها عشيقها الأول تناولت سماً، وأنقذوها على كره منها بواسطة عقار مقيء، واحتملت في رباطة جأش جربتها من قبل، هجران عشيق ثان هو الدوق دي ريشيليو، لأن كل فرنسا عرفت قصة تقلبه بين النساء.
والتقى فولتير بالمركيزة على مائدة العشاء فلم ينزعج، بل سرته قدرتها على التحدث في الرياضيات والفلك والشعر اللاتيني. ولم تكن مفاتنها طاغية لا سبيل إلى مقاومة إغرائها، ولكن سيدات أخريات أسرفن، في وصفها. استمع إلى مدام دي فان وهي تقول: (امرأة ضخمة متحفظة لا أوراك لها، صدرها هزيل؛ … ذات ذراعين ضخمين ورجلين