بطبيعتهم، فانهم شجعان بواسل مثلنا، ولكنهم يفوقوننا في الميل إلى الخير وطيبة النفس (٥٤). وصفقت باريس لهذه الرواية لمدة عشرين ليلة متوالية ودفعت ٥٣. ٦٤٠ جنيهاً، وتنازل فولتير عن نصيبه من دخل الرواية للممثلين.
وفي ٨ أغسطس ١٧٣٦ تلقى فولتير أول رسالة من فردريك ملك بروسيا، ومن هنا بدأت مراسلات مشهورة وصداقة فاجعة. وفي نفس العام نشر قصيدة "الرجل الدنيوي" وكأنما كانت رداً مسبقاً على رسالة روسو "بحث في الفنون والعلوم"(١٧٥١) أن فولتير ضاق ذرعاً بالحالمين الواهمين الذين يضفون المثالية على الإنسان البدائي غير المتمدن الودود الصاعد "أو يحبذون الرجوع إلى الطبيعة" هرباً من الانفعال وتوتر الأعصاب والنفاق والخداع في الحياة الحديثة. إنه هو نفسه كان مستريحاً وسط ما يعاني من بلايا ومحن، ورأى أنه كان عليه لزاماً عليه أن يقول كلمة طيبة في المدنية إنصافاً لها. إنه لم يجد أية فضيلة أو ميزة في الفقر، أو أي انسجام بين الجراثيم والحب وربما كان البدائيون شيوعيين، وهذا فقط لأنهم لم يكونوا يملكون شيئاً. وإذا إتسموا بالاعتدال والقصد والرزانة فما ذاك إلا لأنهم لم يكن لديهم خمور "وأنا من جانبي أحمد للطبيعة الحكيمة أنها من أجل سعادتي أنجبتني في هذا العصر الذي يحط من قدره نقادنا الذين تعروهم الكآبة والانقباض. إن هذا الزمن الدنس ملائم كل الملائمة لحياتي فأنا أحب الترف والبدخ بل الحياة الناعمة وكل الملذات والفنون على اختلاف أنواعها، والنظافة والذوق والزينة والزخرفة وبدا له كل هذا مفضلاً لديه بشكل واضح على جنات عدن "أبي العزيز آدم، اعترف أنك ومدام حواء كانت لكما أظفار طويلة سوداء بما فيها من أقذار، وان شعره كما كان أشعث أغبر إلى حد ما .... وعبثاً حاول العلماء أن يعينوا مكان جنة عدن … إن جنة الأرض هي التي أعيش فيها أنا الآن.
ولم ترق في أعين رجال الدين الصورة التي رسمها فولتير لآدم وحواء، وأصروا على أن سفر التكوين تاريخ صحيح، ولم يقروا فولتير على ما جاء