وقص "ممنون الفيلسوف" حكاية رجل اعتنق يوماً الفكرة الجنونية بأنه متعقل كل التعقل ولكنه وجد نفسه قاصراً قصوراً بائساً عاجزاً يواجه مئات الكوارث، فيقرر أن الأرض مستشفى كبير للأمراض العقلية تقوم الكواكب الأخرى بترحيل المجانين فيها إليه (٧٧).
أما رحلات سكارمنتادو فهي تطوف بشاب من كريت من بلد إلى بلد حيث يكتشف له في كل يوم مشاهد جديدة من التعصب أو الخداع أو القسوة أو الجهل. ففي فرنسا تجتاح الحروب الدينية المقاطعات، وفي إنجلترا تحرق الملكة ماري خمسمائة من البروتستانت، وفي أسبانيا ينشق الشعب في لذة رائحة المهرطقين الذين ألقي بهم في النار، وفي تركيا ينجو سكارمتادو من الختان بأعجوبة، وفي فارس يتورط في الصراع بين طائفتي السنة والشيعة من المسلمين، وفي الصين يتهمه اليسوعيون بأنه شخصية بارزة من طائفة الدومنيكان، وأخيراً يعود إلى كريت "ومذ رأيت الآن كل ما هو نادر أو خير أو جميل على الأرض، فقد وطدت العزم على ألا أرى في المستقبل شيئاً غير بلدي، وتزوجت وسرعان ما أدخلني الشك في خيانة زوجتي، ولكني على الرغم من هذا الشك وجدت أن هذه هي لأسعد ظروف الحياة (٧٨).
وتوسع ميكروميجاس في أفكار النسبية التي استخدمها سويفت في رحلات جلليفر. والسيد ميكروميجاس رجل يصلح للإقامة في نجم الشعري اليمانية، وطوله ١٢٠ ألف قدم وعرض صدره خمسون ألفاً، وطول أنفه ٦. ٣٣٣ قدماً. عندما بلغ ٦٧٠ عاماً من العمر ذهب ليستزيد من التعليم.
وبينما هو يحوم في الفضاء هبط على كوكب الزحل فسخر من الأقزام هناك، حيث بلغ طول الناس هناك ستة آلاف قد أم نحوها، وتعجب كيف يتسنى لسكان زحل المعدمين هؤلاء الذين ليس لهم إلا ٧٢ حاسة فقط أن يعرفوا الحقيقة وسأل أحد السكان إلى أي حد من العمر تعيشون؟ فصاح ساكن زحل واحسرتاه! قليل جداً منا يعيشون لأكثر من ٥٠٠ دورة حول الشمس (وهي بحسابنا نحن تصل إلى نحو ١٥ ألف سنة) وهكذا ترى أننا بشكل ما نموت في اللحظة التي نولد فيها .... وما أقل ما نتعلمه