للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحوار ورقته، وأن نجد في الحركات البطيئة سلاماً مهدئاً أنسب للقلوب المسنة والأرجل المتلكئة مما نجده في دوامة الحركات العجلاء، ومع ذلك فإن الكونشرتو الثاني يستهل بأعجل (الليجرو) خلاب، والرابع يضفي عليه البهجة فلوت لعوب، أما الخامس فهو باخ في أوجه.

(ب-) الصوتية

لم يستطع باخ وهو يلحن للصوت أن يلقي جانباً كل ما طوره من حيل وخفة يد على لوحة المفاتيح، ولا الجهود الجبارة المعذبة التي طالب بها أوركستراه، فقد كتب للأصوات كأنها آلات لا يكاد يكون لحذقها ومداها حدود، وكان ضنيناً في الاستجابة لرغبة المرتل أو المغني في أن يتنفس. ونهج نهج عصره في تمديد المقطع الواحد ليشمل ستة أنغام ("كيرييـ- يليـ- يـ- يـ- يـ- يـ- ييسون")، ومثل ذلك الاستكثار من الأنغام لم يعد أسلوب العصر، ولكن بفضل مؤلفاته للصوت حقق باخ شهرته الراهنة بوصفه أعظم ملحن في التاريخ.

وقد حياه إيمانه الوطيد بالعقيدة اللوثرية إلهاماً حاراً يعدل أي إلهام وجده باليسترينا في القداس الكاثوليكي. فكتب نحو أربع وعشرين ترنيمة وست موتيتات وفي الاستماع إلى إحدى هذه الست Singet dem Herrn ( رنمو للرب) "شعر موتسارت أول ما شعر بعمق باخ. وكتب لجماهير المصلين ولكورسه كورالات قوية كانت كفيلة بأن تبهج قلب لوثر الشبيه بقلبه": عند أنهار بابل" و "حين تشتد الحاجة"، و"تجملي أيتها النفس المباركة" وقد أثر هذا الكورال الأخير في مندلسون تأثيراً عميقاً حتى قال لشومان "لو أن الحياة سلبتني الرجاء والإيمان لردهما إليَّ هذا الكورال وحده" (٥٧).

ولحن باخ لأعياد الميلاد، والقيامة، والصعود، أوراتوريات-كانت تراتيل ضخمة للكوارس، أو المرتلين المنفردين، أو الأرغن، أو الأوركسترا. وقد رتل أوراتوريو Weinachts Oratorium الميلاد، كما يسمى الأورتوريو الأول، في كنيسة توماس في ستة أقسام على ستة أيام بين عيد الميلاد وعيد