الترنيمة في قوتها، ولكن ربما كانت أعنف من أن تكون تعبيراً مناسباً عن الإيمان.
وكان في باخ إحساس صحي بمباهج الدنيا رغم تدينه وصلته الوثيقة بالتقوى بحكم واجباته، وكان في وسعه أن يضحك، كما يبكي، من كل قلبه. وتسللت عناصر علمانية إلى مؤلفاته الدينية، وقد اكتشف بعض أنغام من أوبرات عصره في القداس بمقام B الصغير (٥٨). ولم يتردد في أن يغدق موارد فنه على كنتاتات علمانية خالصة، بقي منها الآن إحدى وعشرون. فألف "كنتاتا الصيد" و"كنتاتا القهوة"و "كنتاتا الزفاف" وسبع كنتاتات لاحتفالات مدينة. وفي ١٧٢٥ كتب كنتاتا كاملة بمناسبة عيد ميلاد أوجست موللر الأستاذ بجامعة ليبزج "أيولوس المغتبط" احتفالا بتحرير الرياح، وربما بمجاز خبيث. وفي ١٧٤٢ خلع موسيقاه على "كنتاتا الفلاحين الساخرة سخرية كاريكاتورية صريحة، بما فيها عن رقص القرويين الصاخب وشربهم وغزلهم. وبعد عام ١٧٤٠ لم تعد الموسيقى الكنسية الغالية في ليبزج، وقدمت الحفلات الموسيقية العامة بازدياد ألحاناً علمانية ..
وقبل ن تدخل الموسيقى الدينية عصر اضمحلالها حلق بها باخ في أجواء لم تبلغها من قبل البلاد البروتستنتية. وكان من مخلفات القداس الكاثوليكي في الخدمة الكنسية اللوثرية ترتيل تسبحة "تعظم نفسي الرب" في عيد زيارة العذراء (٢يوليو). وكان هذا إحياء لزيارة مريم لابنة خالتها أليصابات، حين فاهت العذراء كما ورد في إنجيل البشير لوقا (الإصحاح الأول ٤٦ - ٥٥) بترنيمة شكرها التي لا شبيه لها: Magnificat anima meadominam " تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلى إتضاع أمته. فهو ذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني. " ولحن باخ هذه السطور وما يليها مرتين، ولعله لحنها في صورتها لخدمة الميلاد بليبزج عام ١٧٢٣. هنا يسمو الدين، والشعر، والموسيقى كلها إلى نفس الذروة في وحدة رائعة.
وبعد ست سنوات بلغ تلك الذرى غير مرة في "ألحان أسبوع الآلام