الستارة حول عنقي- وأتيح لي لحسن الحظ وقت للنهوض والإمساك بيديه، ولكنه جذب الحبل بكل قوته حول عنقي فشعرت بأنني أختنق وصحت مستغيثاً. وجرى تابع ليسعفني، واضطر إلى استعمال القوة لينقذني (٣٦).
وأسر فريدرش- الذي بلغ الثامنة عشرة- إلى فلهلمينا أنه ينوي الهروب إلى إنجلترا مع كاتي وكايت. فتوسلت إليه ألا يفعل، ولكنه أصر وكتمت سره في خوف، ولكن الملك الذي أحاط ولده بالجواسيس علم بأمر المؤامرة، وقبض على ابنه وابنته، وعلى كاتي وكايت (أغسطس ١٧٣٠). وأطلق سراح فلهليمنا بعد حين وفر كايت إلى إنجلترا، ولكن فريدريش وكاتي حوكما أمام مجلس عسكري وحكم عليهما بالإعدام (٣٠ أكتوبر). وأعدم كاتي في فناء قلعة كوسترين (وهي الآن كوسترزين في بولندا) وأكره فريدرش بأمر أبيه على أن يشهد منظر الإعدام من نوافذ زنزانته (٦ نوفمبر). وفكر الملك في قطع رأس ولده، وفي جعل من يليه من أبنائه ولياً للعهد، ولكنه خشي الأصداء الدولية لهذه الفعلة، فراض نفسه على الإبقاء على حياة فريدرش.
ومن نوفمبر ١٧٣٠ إلى فبراير ١٧٣٢ ظل الأمير يلزم كوسترن، في سجن محكم أول الأمر، ثم في حدود المدينة لا يبرحها، تحت رقابة مشددة طوال الوقت، ولكن "برلين كلها أرسلت إليه المؤونة لا بل أفخر الطعام والشراب"(٣٧). في رواية فلهليمينا. وفي ١٥ أغسطس ١٧٣١، بعد عام من الفراق، جاء الملك ليرى ابنه، وقرعه ما شاء له التقريع، وقال له إن مؤامرة الهروب لو نجحت "لألقيت إلى الأبد في مكان لا ترى فيه الشمس أو القمر ثانية (٣٨). جثا فريدرش على ركبتيه والتمس الصفح من أبيه، وانهار الشيخ، وبكى، وعانقه؛ وقبل فريدرش قدمي أبيه (٣٩). فأطلق سراحه، وبعث به في جولة بالأقاليم البروسية ليدرس اقتصادها وإدارتها. لقد غيرت سنوات صراعه مع أبيه تلك من خلقه وقسته.
أما فلهلمينا التي أبهجها أن تترك سقف أبويها فقد قبلت يد هنري ولي عهد بايرويت. وبعد أن تزوجا في برلين (٣٠ نوفمبر ١٧٣١) ذهبت إلى الجنوب لتصبح (١٧٣٤) أميرة بايرويت، ولتجعل بلاطها يزخر بالثقافة.