كتاب قصة الحضارة

فردريك الأكبر وماريا تريزا - ٦ - فولتير في ألمانيا - ج: 37 - ص: 109

التي أعانته على التنفس عن غيظه. وقد راعها هزاله "كنت على يقين من أن هذا الرجل (فردريك) قاتلك! "وفي ١٨ يونيو وصل الصندوق، وعثر فيه على المجلد المحتوى على القصائد، وسلم للمقيم، ولكن في يوم ذاته وصل توجيه جديد من بوتسدام يأمر فربتاج بالاحتفاظ "بالوضع الراهن" لحين وصول أوامر أخرى. فحاول فولتير الهروب بعد أن عيل صبره، وفي ٢٠ يونيو ترك حقائبه مع ابنة أخته وفر هو وسكرتيره خلسة من فرانكفورت.

ولكن فربتاج لحق بهما قبل أن يجتازا الحدود الإدارية للمدينة، وعاد بهما إليهما وأودعهما سجينين في فندق العنزة، لأن "صاحب فندق الأسد أبى أن يستبقي فولتير أطول مما بقي عنده بسبب شحه الذي لا يصدق" (١٢٠) (في رواية فربتاج). واستولى آسرو فولتير على نقوده كلها، وعلى ساعته، وبعض جواهره التي يتحلى بها، وصندوق نشوقه-الذي رد إليه سريعاً بناء على توسله لأنه قال إنه لا غنى لحياته عنه. وفي ٢١ يونيو وصل خطاب من فردريك يأمر بالإفراج عن فولتير، ولكن فربتاج رأى أن الأمانة في أداء الواجب تقتضيه أن ينبئ الملك بمحاولة فولتير الهروب، فهل يطلق سراحه رغم ذلك؟ وفي ٥ يونيو وافق فردريك على الإفراج عنه، وأطلق سراحه بعد اعتقاله خمسة وثلاثين يوماً. وفي ٧ يونيو غادر فرانكفورت إلى مينز، وعادت مدام دنيس إلى باريس، بأمل الحصول على إذن لفولتير بدخول فرنسا.

وكان نبأ اعتقاله قد ذاع، فاحتفل به القوم وأشادوا به حيثما ذهب، لأن فردريك لم يحبه أحد غير أخته فلهلمينا، أما فولتير فهو رغم شيطنته كلها كان أعظم الأحياء من الشعراء، والمسرحيين، والمؤرخين. وبعد أن قضى ثلاثة أسابيع في مينز رحل في بطانة كبطانات الأمراء إلى مانهايم وستراسبورج (١٥ أغسطس إلى ٢ أكتوبر) حيث أمتع روحه بفكرة وجوده على أرض فرنسية. ثم مضى إلى كولمار (٢ أكتوبر) حيث زارته فلهلمينا في طريقها إلى مونبليه وطيبت خاطره "بالأنعامات" واسترد من عافيته ما أوحى إليه ببعض رسائل ظريفة لمدام دنيس التي كانت تشكو ورماً في فخذيها: