وكلف جورج جراهام بأن يصنع له تلسكوب "قطاع أوج" يمكنه من رصد مائتي نجم، لا نجم واحد، في عبورها الزوال. وبعد أن أنفق برادلي ثلاثة عشر شهراً في الرصد والحساب، تمكن من أن يبرهن على دورة سنوية من الانحرافات المتجهة بالتناوب للجنوب والشمال في المواقع الظاهري للنجم، وفسر هذا التناوب بأنه راجع إلى حركة الأرض في مدارها. وفسر كشف "انحراف الضوء"(١٧٢٩) مئات من المشاهدين والانحرافات التي كانت محيرة إلى ذلك الحين، وقد فرقت تفريقاً ثورياً الموقع المرصود والموقع "الحقيقي" أو المحسوب لأي نجم، واتفقت اتفاقاً حسناً مع كوبرنيق، لأنها اعتمدت على دوران الأرض حول الشمس. وبلغ من تأثيرها المنير على الفلك أن فلكياً-مؤرخاً فرنسياً يدعى جوزف دلامبر، اقترح أن يسلك برادلي في صف كيلر، لا بل في صف هيبارخوس ذاته (٥٣).
وانتقل برادلي إلى كشفه الكبير الثاني-وهو ميل mutation ومعناها الحرفي إيماء-محور دوران الأرض كتذبذب النحلة المحوري. فالنجوم التي وصفت حركاتها الظاهرية بأنها تقوم بدورة سنوية نظراً إلى دوران الأرض حول الشمس، لا تعود- في مشاهدات برادلي- بعد سنة إلى نفس الواقع الظاهرية السابقة. وخطر له أن الفرق ربما نشأ عن ميل محور الأرض بسبب تغيرات دورية في العلاقة بين مدار القمر حول الأرض ومدار الأرض حول الشمس. فدرس هذه التغيرات طوال تسعة عشر عاماً (١٧٢٨ - ٤٧)، وفي نهاية العام التاسع عشر وجد أن النجوم عادت بالضبط إلى نفس المواقع الظاهرية التي كانت لها عند بدء العام الأول "وتأكد الآن أن ميل محور الأرض ناشئ عن الحركة الفلكية للقمر، وتأثيره على الأجزاء الاستوائية من الأرض. وكان تقريره عن هذه الكشوف حدثاً مثيراً في أعمال الجمعية الملكية لعام ١٧٤٨. أن للصبر -كما للحرب- أبطاله.
وخلال اشتعال برادلي فلكياً للملك، استسلمت بريطانيا لجراحة مؤلمة: فبعد ١٧٠ عاماً من المقاومة قبلت التقويم الجريجوري، ولكنها سمته في عناد التقويم المصلح وأمر قانون برلماني (١٧٥٠)، بأن تحذف الأحد عشر