للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعشت زمناً طويلاً حبيساً في قفص،

وهاأنذا قد عدت

إذ لا بد للإنسان أن يعود

ليحيا حياته الطبيعية

أما بو - جوي فقد سلك مسلكا آخر، إذ اختار المنصب الرسمي والحياة في العاصمة. وصار يرقى في المناصب العامة حتى أمسى حاكم مدينة هانج تشاو العظيمة ورئيس مجلس الحرب. لكنه رغم متاعب الحياة العامة عاش حتى بلغ الثانية والسبعين من العمر، وأنشأ أربعة آلاف قصيدة، وعب ملاذ الطبيعة في فترات نفي فيها من بلده (٥٨). وعرف السر الذي يستطيع به أن يجمع بين الوحدة والاختلاط بالجماهير، وبين الراحة والحياة الناشطة. ولم يكن كثير الأصدقاء لأنه كما يقول عن نفسه كان رجلاً وسطاً غير ممتاز في "الخط، والتصوير، والشطرنج، والميسر، وهي الوسائل التي تؤدي إلى اجتماع الرجال وإلى الضجة السارة" (٥٩). وكان مولعاً بالتحدث إلى عامة الناس، ويروى عنه أنه كان يقرأ قصائده لعجوز قروية، فإذا عجزت عن فهم شيء منها بسطه لها. ومن ثم أصبح أقرب الشعراء الصينيين إلى قلوب الجماهير، وكان شعره ينقش في كل مكان، على جدران المدارس والمعابد وقمرات السفن. ويروى أن فتاة من المغنيات قالت لربان سفينة كانت تطربه ليس لك أن تظن أني راقصة عادية؛ وحسبك أن تعرف أن في مقدوري أن أسمعك قصيدة الأستاذ بو: الغلطة الأبدية" (١).

وآخر من نذكره من أولئك الشعراء هو دوفو الشاعر المحبوب العميق الذي يقول فيه آرثر ويلي Arthur waley: " من عادة الذين يكتبون في الأدب


(١) من أشهر الروايات الصينية الكثيرة التي يروي بها الكتاب الصينيون غرام منج هوانج بيانج جوي - في وموتها في أثناء الثورة وشقاء منج بعد عودته إلى العرش. وليست القصيدة خالدة إلى الحد الذي توصف به، وهي أطول من أن تتسع لها هذه الصفحات.