في المائة من المجد والعظمة وتسعة وتسعين في المائة من حالات الإسهال (٤٥) في ساحتي القتال في دتنجن وفونتنوي، ولزم هو نفسه الفراش أثر حمى شديدة، فلما شفي زعم أن صفاء ذهنه أو موضوع تفكيره كان يختلف باختلاف درجة الحمى. ومن ثم خلص إلى أن التفكير وظيفة المخ، ونشر هذا كله وما يرتبط به من آراء ١٧٤٥ تحت عنوان "التاريخ الطبيعي للنفس".
وسار البحث على هذا المنوال:"نحن لا نعرف ما هي النفس. ولا نعرف ما هي المادة، ولكنا نعرف على أية حال أنه لا توجد نفس بلا جسد. ولدراسة النفس تجب دراسة الجسم، ولدراسة لجسم ينبغي أن نبحث في قوانين المادة. إن المادة ليست مجرد امتداد، إنها أيضاً قدرة على الحركة، وهي تشتمل على مصدر فعال يتخذ مزيداً من الأشكال في مختلف الأجسام، ولسنا نعرف أن للمادة في ذاتها قوة الإحساس، ولكنا نشهد دليلا على تلك القوة حتى في أحظ الحيوانات. وإنه لأكثر اتفاقاً مع المنطق أن نعتقد بأن هذه الحساسية تطور من إمكانية من أصل واحد في المادة، من أن تعزوها إلى نفس خفية صبت في الأجسام عن طريق قوة خارقة للطبيعة. وعلى هذا فإن المصدر الفعال "في المادة يتطور في النبات والحيوان حتى إذا كان في الإنسان مكنه من أن يدق قلبه، ومن أن تهضم معدته ومن أن يفكر معه. وهذا هو التاريخ الطبيعي للنفس".
وارتعدت فرائض القسيس في كتيبه لامتري فزعاً لهذه النتيجة، وصاح منذراً متوعداً، وفصل الطبيب الفيلسوف من وظيفة الجراح في الجيش، وكان يمكن أن يهب زملاؤه الأطباء لنجدته، لولا أنه كان قد كتب في نفس الوقت تقريباً كتاباً صغيراً تحت عنوان "سياسة الأطباء" يهجو فيه دسائسهم في تنافسهم على الوظائف التي تدر مالاً وفيراً. وانضموا إلى مهاجمته واستنكار آرائه. ورأى أن عمله في الطب قد أنهار كما انهارت شهرته، ففر إلى ليون، هناك شن هجوماً آخر على مهنة الطب وتحول إلى الفلسفة.
وهكذا أصدر لامتري في ليون كتاب (الإنسان الآلة) وهو يقصد بالآلة هنا جسماً ترجع كل أفعاله إلى أسباب وعمليات بدنية أو كيميائية. أما