مع البوذية وما حباها من امتيازات. ذلك أن هان كان يعتقد أن الدين الجديد إن هو إلا خرافة هندية، وقد آلمه أشد الألم، وهو الكنفوشي الصميم، أن يرضى الإمبراطور عن هذا الحلم الموهن الذي أسكر أهل بلاده. ومن أجل هذا رفع مذكرة إلى الإمبراطور (٨٠٣ ق. م) نقتبس منها هذه السطور لنقدم للقارئ مثلاً من النثر الصيني، وإن كانت الترجمة الأمينة قد شوهته:
"لقد سمع خادمكم أن أوامر صدرت إلى جماعة الكهنة بأن يسيروا إلى فنج - شيانج ليتسلموا عظماً من عظام بوذا، وأن جلالتكم ستشرفون من برج عال على دخوله في القصر الإمبراطوري؛ وأن أوامر أخرى أرسلت إلى الهياكل المختلفة تقضي بأن يحتفل بهذا الأثر الاحتفال الذي يليق به. وقد يكون خادمكم أبله ضعيف العقل، ولكنه يدرك أن جلالتكم لا تفعلون هذا لتنالوا منه نفعاً، بل تفعلونه مسايرة منكم لرغبة الشعب في أن يحتفل بهذا المجون الباطل في عاصمة البلاد، في الوقت الذي بلغ فيه الرخاء غايته، وامتلأت جميع القلوب بهجة وانشراحاً. وإلا فكيف تجيز لكم سامي حكمتكم أن تؤمنوا كما يؤمن عامة الشعب بهذه العقائد السخيفة؟ وعامة الشعب يا مولاي بطيئو الإدراك يسهل التغرير بهم، فإذا رأوا جلالتكم تركعون خاشعين أمام قدمي بوذا صاحوا من فورهم: هاهو ذا ابن السماء مصدر الحكمة قوى الإيمان ببوذا؛ فهل يحق لنا نحن عامة شعبه أن نضن عليه بأجسامنا.
ثم يعقب هذا سفع النواصي وحرق الأصابع؛ وتجمع الناس من كل صوب يمزقون ملابسهم، وينثرون أموالهم، ويقضون وقتهم كله من الصباح إلى المساء يحذون حذو جلالتكم. ونتيجة هذا أن تتملك الشعب كله، صغاره وكباره، هذه الحماسة نفسها فيهمل الناس ما يجب عليهم أن يفعلوه في حياتهم. وتراهم يحجون إلى الهياكل زرافات، يقطعون أيديهم ويشوهون أجسامهم، ليقدموها قرباناً إلى الإله، إلا إذا حرمتم عليهم جلالتكم هذا العمل. وبهذا يقضى على