للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترجو ١٧٧٤ ونبهت الموسوعة الأذهان إلى التكنولوجيا الصناعية وأولتها عناية متحمسة، وهي التكنولوجيا التي بدأت تغير وجه الاقتصاد في إنجلترا وفرنسا. وأعتقد ديدرو أن الفنون الميكانيكية يجب إكبارها والرفع من شأنها باعتبارها تطبيقاً للعلوم، والتطبيق بالتأكيد ذو قيمة كبيرة مثل النظرية تماماً. "ما هذا الحمق في قدراتنا وتقديراتنا! إننا نخص الناس على أن يشغلوا أنفسهم بما يفيد وينفع، ثم نحتقر الرجال النافعين" (٦٤). وكان يأمل في أن تكون الموسوعة مستودعاً جامعاً مانعاً للتكنولوجيا حتى إذا وقعت بالفنون الميكانيكية كارثة دمرتها أمكن بناء هذه الفنون من جديد بفضل مجموعة باقية من مجلدات الموسوعة. وكتب هو نفسه مقالات مطولة بذل فيها جهداً كبيراً عن الصلب والزراعة والإبر والبرونز وآلة النقب والقمصان والجوارب والأحذية والخبز. وأعجب بعبقرية المخترعين وبمهارة الحرفيين. وقصد بنفسه أو أرسل مساعديه إلى المزارع والحوانيت والمصانع لدراسة العمليات والمنتجات الجديدة، وأشرف على حفر الرسوم والنقوش التي قارب عددها ألفاً والتي جعلت من مجلدات اللوحات الأحد عشر إحدى العجائب من نوعها في ذلك العصر. وكانت الحكومة فخورة بأن يشمل هذه المجلدات الأحد عشر الإذن الملكي بطبعها ونشرها. وقد ضمت خمساً وخمسين لوحة عن صناعة النسيج وإحدى عشرة لوحة عن سك العملة وعشراً عن الصناعات الحربية، وخمساً عن البارود، وثلاثاً عن صناعة الدبابيس. وكانت هذه اللوحات الثلاث الأخيرة مصدراً لمقالة آدم سميث الشهيرة عن توزيع العمل إلى "١٨ عملية متميزة" في إنتاج الدبوس (٦٥). قال ديدرو: "من أجل الحصول على هذه المعلومات كنا نقصد إلى أقدر الحرفيين في باريس وفي سائر أنحاء المملكة، وحرصنا على أن نوجه إليهم الأسئلة ونكتب ما يملون علينا. ونحصل منهم على المصطلحات المستخدمة في حرفهم. وفي مقابلات طويلة كثيرة مع مجموعة واحدة من العمال كنا نستكمل ما قد يكون الآخرون قد شرحوه بشكل ناقص أو غامض أو أحياناً غير دقيق. وأرسلنا إلى الحوانيت حفارين ورسامين رسموا الآلات والأدوات دون أن يحذفوا شيئاً يمكن أن يجعلها واضحة تمام الوضوح أمام الأعين" (٦٦).