الكتاب المرموق في ١٥ يوليو ١٧٥٨ بعنوان "الذكاء" ولشد ما كانت دهشة الأصدقاء الذين رأوا المخطوطة حين ظهر الكتاب متمتعاً بالترخيص الملكي الثمين بالنشر. ذلك أن مالشرب كان قد عهد إلى جان بييرترسيية بمراجعة الكتاب تمهيداً لنشره (عمل الرقابة على المصنفات)، فقرر ترسييه "من رأيي أنه ليس في الكتاب ما يحول دون نشره (٥) ولكن المحامي العام في برلمان باريس دفع الكتاب في ٦ أغسطس بأنه محشو بالهرطقة والكفر، وألغى مجلس الدولة في ١٠ أغسطس الترخيص يالطبع، وسرعان ما عزل ترسييه عن مناصبه المربجة. ودفع يهاجم المسيحية قائلاً: بأي لون من الإلحاد والكفر يتهمونني؟ أنا أنكر في أي جزء من الكتاب التثليث أو ألوهية المسيح أو خلود الروح أو بعث الموتى أو أية ناحية أخرى من نواحي العقيدة البابوية، ومن ثم فإني لم أهاجم الديانة بأي شكل من الأشكال (٦). وخشي فولتير أن يرسل هلفشيوس إلى الباستيل فنصحه بالرحيل، ولكن هلفشيوس كان مستريحاً في ذاك إلى حد لا يضحي معه من أجل الكتاب، فأصدر تراجعاً في في صيغة الرسالة إلى قسيس، فأعلنت الحكومة بأن هذا غير كافٍ فنشر هو اعتذار يقول جريم "أنه مذل إلى حد لا يدهش معه المرء أن يرى رجلاً يؤثر أن يلجأ إلى الهوتنتوت (قبائل السود في جنوب أفريقية) على أن يضع اسمه على مثل هذه الاعترافات (٧)" وقصدت مدام هلفشيوس إلى فرساي لتشفع لزوجها ورضيت الحكومة بأن يأوي إلى ضيعة امدة عامين، وربما أصبحت العقوبة أشد من ذاك لولا أن الملك تذكر أن والد هلفشيوس أنقذ حياته ذات مرة حين كان طبيباً للملكة. وفي ٣ يناير اتهم البابا كايمنت الثالث عشر الكتاب بأنه مخز فاسق لا يلتزم قواعد الدين، وفي فبراير أحرق علناً بأمر البرلمان. ولقد رأينا كيف أن هذه "الضجة حول مسألة تافهة كما سماها فولتير قد أسهمت مع مقالة دالمبير جنيف في تضييق الخناق على موسوعة ديدور. وبكل هذا الإعلان الواسع النطاق عن كتاب "الذكاء" تهافت الناس على قراءته أكثر مما أقبلوا على أي كتاب