العامة فحسب، بل أعلن كذلك أنه لا يسوغ لهم أن يشتغلوا محامين أو أطباء أو صيادلة أة قابلات أو باعة كتب أو صانعين أو بقالين. وإذا لم يكن قد سبق تعميدهم فليس لهم أية حقوق مدنية أياً كانت. وإذا لم يكن قد تم زواجهن على يد قسيس كاثوليكي كان زواجهم باظلاً، وكأنما يعيشون مع خليلات لا حليلات، وأعتبر ابناؤهم غير شرعيين (٣٧) والخدمات والقداسات البروستانتية محظرة. وكان الرجال الذين يحضرونها يعاقبون بإرسالهم للتجديف مدى الحياة. أما النساء فكان عقابهن السجن مدى الحياة. وعقاب الكهنة الذين يقيمون مثل هذه القداسات الإعدام. ولم تكن هذه القوانين مطبقة تطبيقاً صارماً في باريس أو قريباً منها، وتفاوتت صرامة هذه التوانين تبعاً للبعد العاصمة.
وكانت الاحقاد الدينية حادة بصفة خاصة في جنوب فرنسا. وكان الصراع بين الكاثوليك والهيجونوت عنيفاً لا هوادة ولا رحمة فيه. وكانت الفضائع التي ارتبها الطرفان لا تزال حية في الأذهان. وكان الكاثوليك المنتصرون قد قتلوا في تولوز في ٥٦٢ ثلاثة آلاف من الهيجونوت، كما حكم برلمان تولوز على مائتين آخرين بالتعذيب حتى الموت (٣٨)، وأحيا كاثوليك تولوز في كل عام ذكرى هذه الذبحة في احتفالات شاكرة ومواكب دينية مهيبة. وطافت نقابات المهنيين ومختلف طبقات النبلاء ورجال الدين وجماعات "النادمين البيض والسود والرماديين" بشوارع المدينة في هيبة جلاء حاملين مخلفات رهيبة: جمجمة رئيس أساقفة تولوز الأول، قطعة من ثوب العذراء، وعظام أطفال قتلوا بمناسبة أسطورة هيرود "قتل الأبرياء". وكان من سوء حظ كالاس أن تكون السنة القادمة هي ذكرى مرور مائتي عام على أحدث ١٥٦٢.
إن برلمان تولوز الذي كان قوياً مسيطراً في لنجدوك كما كان برلمان باريس في وسط فرنسا، كان يتحكم فيه الجانسنيون-أي أنه برلمان كاثوليكي مع نزعة قوية إلى صرامة الكلفنية وزمها وكآبتها. ولم يدخر وسعاً في إثبات أنه أشد تمسكاً بالكثلكة من اليسوعيين أنفسهم. وفي ٢ مارس