أن هذا يرهقنا اليوم ل الإرهاق، ولكنه كان مادة ثورية في فرنسا القرن الثامن عشر. فلا عجب إذن أن يصدره فولتير على زعم أن لامتري كان فد دبجه من قبل، ولامتري في عداد الأموات الآمنين.
وفي سنة ١٧٦٣ تحول المناضل إلى الدراما (المسرحيات)، قصة قصيرة تافهة تحت عنوان "أبيض وأسود"، وكتيب "أشئلة وأجوبة عن الرجل المين" يسر فيه "ديانته الطبيعية" ولكن عام ١٧٦٤ كان عاماً بارزاً، فقد شغل فيه فولتير أصحاب المطابع "بأنجيل العقل" و"أخيار الديانة"(وهو طبيعة منقحة من كتاب جان مسلييه الملتهب)(العهد الجديد) ثم أحد أهم منشوراته وهو موجز القاموس الفلسفي (السهل الحمل) ولم يكن المجلد الضخم ذا الثمانمائة أربع وعشرين صفحة ذات نهرين الموجود الآن، أو الخمسة أو الثمانية مجلدات التي تملؤها "مجموعة أعماله" بل كان كتاباً صغيراً يسهل الامساك به أو إخفاؤه. إن إجاز مقالاته وبساطة أسلوبه ووضوحه، كل أولئك جعله في متناول مليون قارئ في كثير من البلاد.
وهذا إنتاج ضخم جدير بالتنويه لرجل واحد. وربما كان به ألف من الأخطاء، ولكن المادة التي معت فيه، والمعلومات التي تناولت كل فروع المعرفة تقريباً، جعلت الكتاب واحدة من العحزات في تاريخ الأدب. وأي جد ومثابرة وأي هذر وأي إصرار وعناد هذا الكتاب: أن فولتير منهمك في القيل والقال، أن لديه ما يقوله في كل شيء تقريباً، ولديه دائماً شيء لا يفقد أهميته وتشويقه أبداً تقريباً. وهنا ثير من العبث والتغاهة والسفاسف أو السطحية، وهناك بعض ملاحظات حمقاء (إن عقل أوربا أحرز تقدماً في المائة سنة الأخيرة أكثر مما أحرز العالم كله من قبل منذ أيام براهما وزرادشت)(٨١). ولكن لن يتسنى لأحد أن يلتزم جانب العقل والحكمة في ألف صحيفة، ولم يكن أي إنسان بارعاً متألقاً دائماً وهو يكتب هذا القدر الكبير من الصفحات. أنه أورد فيه دراسة أصول الألفاظ وتاريخها، لأن فولتير مثل كل قارئ محب للاستطلاع، وكانت تجذب