كرهت الكهنة، وأنا الآن أبغضهم، وسأظل أبغضهم إلى يوم الحساب (٩١)".
أن فولتير وجد كثيراً مما يمكن قبوله في الديانات غير المسيحية، وبخاصة في الكونفوشيه (وهي ليست ديانة)، ولكن لم يسره إلا النزر اليسير في اللاهوت السيحي. "أن لدي مائتي مجلد في هذا الموضوع، الأدهى من ذلك أني قرأتها وكأني أقوم بجولة في مستشفى للأمراض العقلية (٩٢)". ولم يضيف إلا القليل لما سبق أن ظهر من نقد للكتاب المقدس. وإنما كانت مهمته أن ينشر هذا النقد على نطاق واسع. ولا يزال أثر هذا علينا واضحاً. وفي جرأة وإندفاع أكثر ممن جاءوا بعده، أكد مراراً سخف طوفان نوح وعبور البحر الأحمر، وذبح الأبرياء وغير ذلك. ولم يكل ولم يمل قط من شجب قصة "الخطيئة الأولى" ونظرتها. وأقتبس في سخط وغضب قول سانت أوغسطين "أن المذهب الكاثوليكي يعلمنا أن كل الناس يولدون مذنبين إلى حد أن الأطفال أنفسهم ملعونون يالتأكيد إذا ماتوا دون أن ينفخ فيهم المسيح روحاً جديدة أفضل (٩٣)". (يقال إن مثل هؤلاء الأطفال يذهبون إلى مكان جميل بجوار الجحيم اسمه الأعراف)!!
أما بالنسبة للسيد المسيح فإن فولتير كان مذبذباً. وأنتقل من الورع الطبيعي في الطفولة إلى عدم التوقير الذي يغلب في الشباب، إلى حد قبول قصة ماري مع الجندي الروماني، وفكر في وقت ما أن يسوع متعصب مخدوع "أحمق". ولما نضج وتعلم كيف يبدي إعجابه بتعاليم يسوع الأخلاقية وقال: "سيكون خلاصنا بفضل ممارسة هذه المبادئ الأخلاقية، لا نتيجة إيماننا بأن المسيح هو الله". وسخر كثيراً من "التثليث" في كتابه الملحد والحكيم. ويسأل الملحد "هل تؤمن بأن للمسيح طبيعة واحدة وشخصاً واحدة وإرادة واحدة، أو أن له طبيعتين وشخصيتين إرادتين، أم أن له إرادة واحدة وطبيعة واحدة وشخصيتين، أو إرادتين وشخصيتين وطبيعة واحدة؟ " ولكن الحكيم يأمره أن ينسى هذه الألغاز ويكون مسيحياً طيباً (٩٥). ويشير فولتير إلى أن المسيح، بخلاف القديس بولص والمسيحيين اللاحقين، ظل مخلصاً