ظروف معينة. ولكن جماعة يسوع ازدادت عدداً وقوة وسلطاناً وسيطرت على سياسات لويس الرابع عشر الدينية، وأدت به إلى مهاجمة الجانسنيين في بورت رويال، على أنهم كلفنيون تحت شعار أنهم كاثوليك. ولا تزال الأقلية المتعلمة تذكر "الرسائل الإقليمية" التي كتبها بسكال ١٦٥٦، ومع ذلك فأنه في ١٧٤٩ كانت جماعة يسوع تضم ٣٣٥٠ عضواً في فرنسا من بينهم ١٧٦٣ كاهناً. وبرزوا بين رجال الدين في فرنسا بوصفهم أحسن العلماء والباحثين وأبرع اللاهوتيين وأفصح الوعاظ، واتقى المدافعين عن الكنيسة، وأنشطهم وأنجحهم، وأسهموا في كثير من العلوم، وأثروا في تطوير الفنون، وكانوا بإجماع الآراء أفضل المعلمين في أوربا. وكانوا يتميزون بصرامة أخلاقهم، ومع ذلك لجئوا إلى كل ألوان التحايل للتخفيف من متطلبات الأخلاق المسيحية عند الرجل العادي، وحتى مع هذا لم يتغاضوا قط عن فسق النبلاء والملوك وفجورهم، وبفضل إعدادهم أو تربيتهم الشاقة ومثابرتهم الصابرة، جعلوا من أنفسهم قوة تسيطر على سياسات الملوك وعقول الناس. وبدا في بعض الأحيان أن أوربا بأسرها قد تدعن لصلابة إرادتهم المتحدة المتميزة بالنظام والانضباط.
أن قوة اليسوعيين هي تقريباً التي قضت عليهم. وبدا واضحاً كل الوضوح لدى الملوك أن تأييد اليسوعيين لسلطة البابا المطلقة في مسائل الإيمان والأخلاق وغيرها، إذا لم يوضع له حد سيجعل من كل الحكام المدنيين أتباعاً للباباوات، ويعيد سلطان روما الإمبراطورية. أنهم ولو أنهم كانوا أقرب الجماعات إلى آذان الملوك، دافعوا عن حق الشعب في خلع الملك. أنهم ولو أنهم كانوا متحريين نسبياً في اللاهوت والأخلاق، وسعوا إلى التوفيق بين العلم والكنيسة، فأنهم شجعوا روع الناس بتأييدهم دعوى مرجريت ماري الاكوك بأن المسيح كشف لها عن "قلبه المقدس" الذي يتحرق حباً للبشر. إنهم أنشئوا وبنوا عقول ديكارت وموليير وفولتير