للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بفضل تشجيعكم الدقيق بشكل شيطاني للإخصاب بين الناس عندكم. وأعتقد أن معدل التكاثر هو العدو رقم ١ للفلسفة، نحن نتناسل في القاعدة ونموت في القمة. وخصوبة السذاجة تهزم حدة الذكاء.

بندكت: أنت تخطئ إذا اعتقدت أن معدل التكاثر هو سر نجاحنا. فإن شيئاً أعمق من هذا بكثير موجود ضمناً. هل أخبرك لماذا يعود كل الأذكياء في كل أنحاء العالم إلى حظيرة الدين؟

فولتير: لأنهم تعبوا من التفكير.

بندكت: لا، ليس هذا تماماً، إنهم اكتشفوا أن فلسفتكم ليس لها جواب إلا الجهل واليأس. ويدرك العقلاء أن كل المحاولات فيما أسماه أخوتكم "الأخلاق الطبيعية" أخفقت. وقد نتفق أنت وأنا على أن الإنسان ولد وفيه غرائز تميل إلى النزعة الفردية تكونت في آلاف السنين من الظروف والأحوال البدائية، وأن غرائزه الاجتماعية ضعيفة نسبياً، وأن شريعة قوية من الأخلاق والقوانين مطلوبة لترويض هذا الفوضوي بالطبيعة، وتحويله إلى مواطن عادي مسالم. إن علماء اللاهوت عندنا أسموا هذه الغرائز التي تتسم بالنزعة الفردية "الخطيئة الأصلية الأولى" الموروثة عن "آبائنا الأولين"، أي أولئك الناس المرهقين الذين لا يخضعون لقانون، المعرضين دائماً للخطر، الصيادين الذين كان لزاماً عليهم أنت يكونوا دائماً على أهبة الاستعداد للقتال والقتل من أجل الطعام أو الرفاق، وأن يكونوا مولعين بالاكتساب والمشاركة، وأن يكونوا قساة إلى حد العنف، لأن أي نظام اجتماعي ساد بينهم، كان لابد أن يظل ضعيفاً، ولكن عليهم أن يعتمدوا على أنفسهم في الأمن على حياتهم وممتلكاتهم.