ولم نجد مندوحة عن الرضى بالحدود والقيود، والتسليم بما فينا من عجز وقصور.
ويؤسفنا أننا سمحنا لافتتاننا بكل جزء في ملحمة الإنسان بأن يوقفنا في رضى كثير، حتى ألفينا نفسينا في خاتمة المطاف منهوكي القوى حين بلغنا الثورة الفرنسية. ونحن نعلم أن هذا الحدث لم ينه التاريخ، ولكنه نهينا. وما من شك في أن طريقتنا المتكاملة الشاملة أفضت بنا إلى إثقال معظم هذه المجلدات بالطول المفرط. ولو أننا كتبنا تاريخاً ممزقاً-كقصة أمة؛ أو فترة أو موضوع واحد-فلربما وفرنا على القارئ وقته وعتاده، غير أن تصوير جميع الجوانب في قصة واحدة، عن عدة أمم، في فترة معينة، تطلب حيزاً للتفاصيل التي لم يكن منها بد لنفح الحياة في الأحداث والشخصيات. وسيشعر كل قارئ من جانبه بأن الكتاب مسرف في الطول، وأن تناوله لأمته أو لتخصصه مسرف في القصر.
فقد يرغب قراء الإنجليزية أو الفرنسية في أن يقصروا قراءتهم الأولى لهذا المجلد على الفصول ١ - ٨، ١٣ - ١٥ - و٢٠ - ٣٨، ويرجئوا الباقي إلى حين، وقد يختار قراء لغات أخرى فصولهم على هذه الشاكلة. غير أننا نأمل أن يسير بعض الأبطال الشوط كله معنا، فيحاولوا أن يروا أوربا بوصفها كلاً في تلك السنين الثلاث والثلاثين المفعمة بالأحداث، والممتدة من حرب السنين السبع إلى الثورة الفرنسية، على أننا لن نقترف هذه الأسباب مرة أخرى، ولكن لو استطعنا أن نفلت من حاصد الأرواح سنة أخرى أو سنتين، فإننا نرجو أن نقدم للقارئ مقالاً ملخصاً في "عظات التاريخ".