إليها، ثم ينشدان معاً أغاني راقصة تشيد بحياة الريف وتذم حياة المدينة. وحضر روسو الحفلة الافتتاحية وكاد يرضى عن المجتمع بعد الخصام.
"غير مسموح بالتصفيق أمام الملك، وعليه فقد كان كل شيء مسموعاً، وهذا يخدم المؤلف والتمثيلية. وسمعت من حولي همس النساء اللاتي يدون في حسن الملائكة. وكانت الواحدة تقول للأخرى في صوت خافت: "هذا رائع، هذا خلاب، ليس هناك لحن واحد لا ينفذ إلى الفؤاد" وقد أثار دموعي سروري بأنني أشعر هذا العدد الكبير من الأشخاص اللطفاء بهذه العاطفة، ولم أستطع أن أمسكها في اللحن الثنائي الأول حين لاحظت أنني لم أكن الوحيد الذي يبكي". (٨٩)
في ذلك المساء بعث إليه الدوق دومون كلمة يطلب إليه الحضور إلى القصر في الساعة الحادية عشرة من صباح الغد ليقدم إلى الملك، وأضاف الرسول أن من المتوقع أن ينفح الملك المؤلف معاشاً. ولكن مثانة روسو أفسدت الخطة. يقول:
"أيصدق أحد أن ليله هذا النهار الرائع كانت ليلة عذاب وحيرة؟ فقد كان أول خاطر لي إنني بعد أن أقدم للملك سأضطر إلى الانسحاب غير مرة وكانت هذه الضرورة قد سببت لي معاناة شديدة في المسرح: وقد تعذبني في الغد وأنا في البهو أو في حجرة الملك، بين جميع العظماء، منتظراً خروج جلالته. لقد كانت علتي هي السبب الأهم في الحيلولة بيني وبين الاختلاط بالجماعات الراقية والاستمتاع بحديث الحسان … ولا يستطيع غير من خبر هذا الموقف أن يحكم بالفزع الذي يوحي به التعرض لخطره (٩٠).
وعليه فقد أرسل كلمة يعتذر من الحضور. وبعد يومين وبخه ديدرو على تضييعه فرصة كهذه تتيح رزقاً أنسب له ولتريز" وتحدث عن المعاش بحرارة أكثر مما كنت أتوقع في موضوع كهذا من فيلسوف … مع أنني شكرت له تمنياته الطيبة، فإنني لم أستطع أن أسيغ مبادئه، الأمر الذي أثار بيننا نقاشاً حامياً هو أول ما وقع بيننا من نزاع (٩١). على أنه لم يحرم كل