كتاب قصة الحضارة

حرب السبع سنين - ٤ - الثعلب يكره على الدفاع - ج: 39 - ص: 100

في درسدن، وهو كورت فون شمتاو، خادماً وفياً للملك، ولكنه حين تلقى كلمة من فردريك ذاته، بعد كونرزدورف، بأن كل شيء قد ضاع، يئس من المقاومة المجدية. وكان جيش إمبراطوري عدته ١٥. ٠٠٠ مقاتل قادماً على درسدن من الغرب، وداون ماضٍ بهمة في قذف المدينة بالمدافع من الشرق. وعليه ففي ٤ سبتمبر سلم شمتاو، وفي ٥ سبتمبر جاءته رسالة من فردريك تأمره بالمقاومة لأن المدد في الطريق إليه .. وأحال داون، ومعه ٧٢. ٠٠٠ مقاتل، درسدن مقراً شتوياً لجيشه الآن. ووصل فردريك إلى فرايبورج القرية منها وعسكر في الشتاء بنصف هذا العدد.

وكان شتاء ١٧٥٩ - ١٧٦٠ قارس البرد جداً. فظل الثلج يكسو الأرض إلى الركب أسابيع عديدة. ولم يجد غير الضباط مأوى في البيوت؛ أما عامة جنود فردريك فسكنوا أكشاكاً مؤقتة، وراحوا يحتضنون النيران ليتدفئوا، ويكدون قي قطع الخشب وجلبه وقوداً لها، ولا يكادون يصيبون من الطعام غير الخبز وكانوا ينامون متلاصقين طلباً للدفء، واقتضى المرض المعسكرين من الأرواح ما كان يعدل ما اقتضته المعركة من قبل، ففي ستة عشر يوماً فقد جيش داون على هذا النحو أربعة آلاف رجل (٥٤). وفي ١٩ نوفمبر كتب فردريك إلى فولتير يقول: "لو طالت هذه الحرب لارتدت أوربا إلى دياجير الجهل، ولأصبح معاصرونا أشبه بالوحوش الضارية" (٥٥).

وأشرفت فرنسا على الإفلاس على عظم ثرائها عن بروسيا في المال والرجال ومع ذلك جهز شوازيل أسطولاً ليغزو إنجلترا، ولكن الإنجليز دمروه في خليج كويبيرون (٢٠ نوفمبر ١٧٥٩) وضوعفت الضرائب بكل ما أوتيت الحكومات ورجال المال من براعة. وفي ٤ مارس ١٧٥٩ كانت المركيزة دمبادور قد وفقت في تعيين إثيين دسلوويت مراقباً عاماً للمالية. فاقترح اختزال المعاشات، وفرض الضرائب على ضياع النبلاء، وتحويل فضيلته نقوداً، وحتى فرض ضريبة على الملتزمين العامين بجمع الضرائب. وشكا الأغنياء من أنهم يحالون إلى مجرد "ظل" لما كانوا عليه من قبل، ومنذ ذلك الحين أصبحت كلمة Silhouette دليلاً على شكل اختزل إلى أبسط صورة.