الملاك، منافسين في ذلك بعضهم بعضاً وقد أحتقر لانجيه دعاوى الفيزوقراطيين بأن تحرير الاقتصاد من سيطرة الدولة سيجلب الرخاء تلقائياً، لأنه على النقيض من ذلك يعجل بتركز الثروة، فترتفع الأسعار، وتتخلف الأجور. وسيطرة الأغنياء على الأسعار من شأنها الإبقاء على عبودية الأجير حتى بعد "إلغاء" الرق قانوناً، "فكل ما جنوه (أي العبيد السابقون) هو العذاب الدائم من خوف الموت جوعاً، وهو خطب أعفي منه على الأقل أسلافهم ممن تردوا في هذا الدرك الأسفل للإنسانية"(٦٠). فقد كان العبيد يسكنون ويطعمون على مدار السنة، أما في الاقتصاد غير المقيد فإن رب العمل حر في أن يقذف بالعمال في مهاوي التسول إذا لم يستطع جني الربح من ورائهم، ثم يجعل التسول جريمة. وفي رأي لانجيه أنه لا دواء لهذا كله إلا الثورة الشيوعية. على أنه لم يوصي بها لجيله، لأنها ستفضي على الأرجح إلى الفوضى لا إلى العدالة؛ ولكنه أحس بأن الأحوال المواتية لثورة كهذه آخذة في التشكل السريع؛ يقول:
"لم يحدث قط أن كان الفقر أعم ولا أشد فتكاً بالطبقة التي تبلى به، ولعل أوربا لم تكن في يوم من الأيام أقرب منها اليوم إلى الانقلاب التام وسط هذا الرخاء الظاهر … وقد بلغنا بالضبط، بطريق عكسي تماماً، تلك النقطة التي بلغتها إيطاليا حين أغرقتها حرب العبيد (التي قادها سبارتاكوس) في حمام من الدم، وحملت النيران والتقتيل إلى أبواب عاصمة الدنيا ذاتها"(٦٠).
وقد نشبت الثورة وهو حي بعد رغم نصيحته وقذفت به إلى الجولتين (١٧٩٤).
وأما الأبيه جابييل بونودمايلي نو فقد احتفظ برأسه لأنه مات قبل الثورة بأربع سنوات وكان سليل أسرة كريمة في جرينوبل، وأحد أخوته جان بونو دمايلي الذي عاش روسو معه في ١٧٤٠، والأخر كوندياك الذي أثار ضجة بأبحاثه السيكولوجية. ثم قريب مشهور آخر هو الكردينال دتنسان، حاول أن يجعل من جابرييل قسيساً، ولكنه لم يجاوز مراتب الكهانة الصغرى،