للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سعيداً إن استطعت أن أطرد من عقلي ذكرى سلوكك. سأطلب إليك أن تنساني وأنت تكف عن إزعاجي" (٣٨).

ومن جنيف كتبت مدام ديينيه إلى جريم: "لقد تلقيت شكر الجمهورية على الطريقة التي عاملت بها روسو واستقبلت وفداً من صانعي الساعات للغرض ذاته … إن القوم هنا ينظرون إليّ نظرة الإجلال من أجله" (٣٩). ونبهها تونشان إلى ضرورة بقائها عاماً تحت رعايته الطبية. وكانت تختلف مراراً إلى بيتي فولتير في جنيف ولوزان. وبعد حين لحق بها جريم، وقضيا معاً ثمانية أشهر في عيشة سعيدة. (١)

وفي ٢٣ نوفمبر ١٧٥٧ كتب إليها روسو (كما يروي) يقول:

إن كان ممكناً لإنسان أن يموت حزناً لما كنت الآن على قيد الحياة ..... إن الصداقة قد انطفأت بيننا يا سيدتي، ولكن ذلك الذي مضى وانقضى ما زالت له حقوقه، وأنا أحترمها. فأنا لم أنسَ كرمكِ معي، ولك أن تنتظري مني ما يمكن من عرفان بالجميل لشخص لا أستطيع أن أحبه بعد …

"أردت أن أغادر الإيرميتاج. وكان ينبغي لي أن أفعل، ويزعم أصدقائي أنه لابد من بقائي هناك إلى الربيع، وما دام أصدقائي يريدون هذا فسأبقى هناك إن وافقت" (٤٠).

وفي أوائل ديسمبر جاء ديدرو لزيارة ورسو، فوجده ساخطاً باكياً لما حل به من "استبداد" أصدقائه. وقد وردت رواية ديدرو لهذه الزيارة في خطابه المؤرخ ٥ ديسمبر إلى جريم:

"إن الرجل مسعور Forcen … لقد زرته، ولمته على شناعة سلوكه بكل القوة التي منحتني إياها الصراحة والأمانة. وقد دافع عن نفسه في ثورة


(١) عاد إلى باريس في أكتوبر ١٧٥٩، وأصبح بيتها هناك أحد الصالونات الصغيرة وقد فاز كتابها في التربية بجائزة من الأكاديمية.