أما وليول فلم يحدث له أن التقى بروسو قط. ولم يجد عقله الرفيع الثقافة، وثراؤه الموروث معنى في كاتبات روسو. وقد عرف عيوب روسو وحماقته من حفلات عشاء مدام جوفران، حيث كان يلتقي ديدرو وجريم. وأغلب الظن أنه لم يدرك أن روسو الحساس إلى درجة العصاب، قد دفعته إلى مشارف الانهيار العقلي سلسلة من المجادلات الضيقات. ولو كان وليول على علم بهذا حقاً لكانت دعابته قاسية شائنة. على أننا ينبغي أن نضيف أنه حين طلب هيوم رأيه في إيجاد معتكف لروسو في إنجلترا، تعهد وليول بأن يمد الطريد بكل ضروب المعونة (١٠٠).
أكان هيوم على علم بهذا الخطاب؟ يبدو أنه كان موجوداً ببيت مدام جوفران حين لفق أول الأمر، وقد اتهم بأنه "شارك" في تحريره (١٠١). وقد كتب إلى المركيزة دباربنتان في ١٦ فبراير ١٧٦٦:
"إن الدعابة الوحيدة التي سمحت بها لنفسي في أمر خطاب ملك بروسيا المزعوم كانت على مائدة عشاء اللورد أو سوري (١٠٢) ". وفي ٣ يناير ١٧٦٦ قام هيوم بزيارة وداع لضيوف البارون دولباخ وأخبرهم بآماله في إنقاذ "الرجل القصير القامة" من الاضطهاد وتوفير أسباب السعادة له في إنجلترا. أما دولباخ فتشكك قائلاً يؤسفني أن أبدد الآمال والأوهام التي تخدعك، ولكني أقول لك أنه لن يمضي طويل زمن حتى ينقشع عنك الوهم بصورة محزنة. إنك لا تعرف صاحبك، وأصارحك بأنك تحتضن ثعباناً في صدرك (١٠٣) ".
وفي صباح الغد غادر باريس إلى كاليه في مركبتي أجرة هيوم وروسو مع جان-جاك دلوز وسلطان كلب روسو. ودفع روسو نفقاته بعد أن رفض عروض هيوم ومدام دبوفليه، ومدام دفرديلان بمده بالمال. فلما بلغوا دوفر (١٠ يناير) عانق هيوم، وشكره لأنه أتى به إلى بلد تسوده الحرية.