توقيعه كأنك رأيته مكتوباً بيد. وإني أخبرك يا سيدي أن هذا الخطاب زيف في باريس، ومما يحزنني ويمزق قلبي أن المحتال الذي كتبه له شركاء ضالعون معه في إنجلترا. وواجبك نحو ملك بروسيا، ونحو الحقيقة، ونحوي أيضاً، يقتضيك أن تنشر خطابي هذا، الموقع بإمضائي، تصحيحاً لخطأ لا شك إنك كنت تلوم نفسك على ارتكابه لو علمت أن مؤامرة خبيثة سخرت لها. وإني أقدم لك خالص تحياتي".
جان-جاك روسو (١١٦)
وفي وسعنا الآن أن نفهم لم ظن روسو أن هناك "مؤامرة" عليه. فمن غير خصومه القدامى، فولتير، وديدرو، وجريم، وغيرهم من نجوم التنوير، يمكن أن يدبروا هذا التغير الفجائي في لهجة الصحف البريطانية من الترحيب والتكريم إلى الهزء والتحقير؟ وفي نحو هذه الفترة نشر فولتير "خطاباً إلى الدكتور ج. ج يانسوف"، غفلاً من اسمه، أعاد فيه ذكر الإشارات المؤذي للشعب الإنجليزي في كتابات جان-جاك-كقوله إنهم ليسوا في الحقيقة أحراراً، وأنهم شديدو الولع بالمال، وأنهم ليسوا بطبيعتهم طيبين. وأعيد نشر أكثر الفقرات إيذاء في كتيب فولتير في دورية لندنية تسمى (للويدز افننج نيوز (١١٧)).
وفي ٩ مايو كتب روسو إلى كونواي يطلب إليه وقف المعاش الذي يمنح له مؤقتاً. وألح عليه هيوم في قبوله، فرد عليه روسو بأنه لا يستطيع قبول أي امتياز يأتيه من وساطة هيوم. وطالبه هيوم بالتفسير. ويبدو أن روسو قد انتقل الآن إلى حالة من الشك والغيظ. ففي ١٠ يوليو بعث إلى هيوم بخطاب من ثماني عشرة صفحة من القطع الكبيرة، لا يسمح طوله المفرط بنقله هنا كاملاً، ولكنه من الأهمية البالغة لهذا الشجار الأشهر بحيث يقتضينا الأمر أن نتذكر بعض فقراته الرئيسية: "إنني مريض يا سيدي، وليس بي كبير ميل للكتابة، ولكن بما أنك طلبت التفسير، فلابد من تقديمه لك ....