بعد%=@ومن أروع الصور صورة "السيدة لنج - جاو واقفة بين الثلوج". والصورة تمثل السيدة (وهي صوفية بوذية من نساء القرن الثامن) ساكنة غارقة في التفكير كأنها سقراط واقف وسط الثلوج في بلاتيه. ويخيل إلينا أن الفنان يقول "إن العالم لا وجود له إلا إذا أدرك العقل وجوده، وإن في وسع العقل أن يتجاهله إلى حين". @. ومنهم ليانج كاي الذي رسم صورة فخمة للشاعر الصيني لي بو؛ وموتشي صاحب صورة النمر الرهيب، والزرزور، وصورة كوان ين الظريف المكتئب؛ وفي وسعنا أن نذكر غير هؤلاء كثيرين من المصورين الصينيين الذين لم يألف الغرب سماع أسمائهم أو يعيها إذا سمعها لغرابتها، ولكنهم في واقع الأمر نماذج من تراث الشرق العقلي العظيم. وما أصدق ما قاله عنهم فنلوزا Fenollosa: " لقد كانت ثقافة أسرة سونج أنضج تعبير عن العبقرية الصينية"(٩٥).
وإذا شئنا أن نقدر فن التصوير الصيني في أيام مجد أسرتي تانج وسونج، كنا كمن يحاولون من مؤرخي المستقبل أن يكتبوا عن عصر النهضة الإيطالية بعد أن فقدت جميع أعمال رفائيل وليوناردو دافنشي وميكل إنجلو. ويبدو أن فن التصوير الصيني قد كسر في ذرعه وهدر دمه لما توالى عليه من غارات جحافل البرابرة الذين دمروا روائعه وعاقوا تقدمه قروناً عدة. ومع أنه قد نبغ في عهد الأسر التي تربعت على عرش الصين بعد أسرتي تانج وسونج، الصينية منها والأجنبية، فنانون لهم رسوم بلغت مستوى عظيماً من الظرف أو القوة، فليس من هؤلاء الفنانين من يرقى إلى مستوى أولئك الرجال الذين عاشوا في جنان بلاط منج هوانج أو هواي دزونج. وخليق بنا إذا فكرنا في الصينيين ألا نفكر فيهم على أنهم مجرد شعب سلطت عليه الفاقة، وأضعفه فساد الحكم، وفرقته التحزبات والانقسامات السياسية، وأذلته الهزائم الحربية، بل يجب أن نفكر فيهم أيضاً على أنهم أمة شهدت في تاريخها الطويل عصوراً لا تقل في مجدها عن عصور بركليز وأغسطس وآل مديشي، وأنها قد تشهد عصوراً أخرى مثلها في مستقبل الأيام.