الجحود الشرير" (١٢١)، ولكنه لم ينكر أن هيوم كان له يد في الخطاب. وكتب هيوم إلى دولباخ يقول "إنك محق تماماً؛ فروسو وحش". فلما سمع من ديفنبورت أن جان-جاك يكتب "اعترافاته" أفترض أن روسو سيذيع رأيه في الأمر على الملأ. ونصحه آدم سمث، وطورجو والمرشال كيث، بأن يتحمل الهجوم صامتاً، ولكن جماعة الفلاسفة في باريس يقودهم دالامبير، حرضوه على أن ينشر رايته عن نزاع ذاع خبره في عاصمتين. وعليه فقد أصدر (أكتوبر ١٧٦٦) عرضاً موجزاً للنزاع الذي ثار بين السيدين هيوم وروسو، صاغه بالفرنسية دالامبير وسوار، وبعد شهر ظهر بالإنجليزية. وأذاع جريم مضمونه على نطاق واسع "في خطاب الاشتراك" الذي كتبه في ١٥ أكتوبر، فتردد صدى المشاجرة في جنيف، وأمستردام، وبرلين، وسانت بطرسبورج. وضاعفت الضجة أكثر من عشر نشرات، ونشر ولبول روايته للنزاع، وهاجم بوزويل ولبول، ورمت مدام دالاتور في "مجمل عن مسيو روسو"، هيوم بأنه خائن، ووفاه فولتير بمزيد من البيانات عن نقائص روسو وجرائمه، وعن اختلافه إلى أماكن سيئة السمعة وعن أعمال التحريض التي أتاها في سويسرا (١٢٣). أما جورج الثالث فقد تابع المعركة بفضول شديد (١٢٤). وأرسل هيوم الوثائق المتعلقة بها إلى المتحف البريطاني (١٢٥).
ووسط هذه الضجة الكبرى لزم روسو الصمت الرهيب. ولكنه صمم الآن على العودة إلى فرنسا أياً كان الخطر والثمن. فقد اكتأب لرطوبة مناخ إنجلترا وتحفظ الخلق الإنجليزي، وكانت العزلة التي نشدها فوق ما يطيق، ولم يكن قد بذل أي جهد في تعلن الإنجليزية فوجد مشقة في التفاهم مع الخدم. ولم يستطع الحديث إلا مع تريز-التي ما فتئت كل يوم تلح عليه في أن يأخذها إلى فرنسا. ودعماً لخططها أكدت له أن الخدم يبيتون دس السم له. وعليه ففي ٣٠ إبريل كتب إلى مالك بيته الغائب يقول: