للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالشكل، بل كان الشكل على حد قول شياه - هُو هو الانسجام؛ وأول معاني الانسجام عند الصينيين هو أن يكون الرسم الصيني السجل المرئي لحركة منسجمة أو رقصة تمثلها اليد (٩٨)؛ ومعناه كذلك أن الشكل البديع يكشف عن "انسجام الروح" وعن جوهر الحقيقة وحركتها الهادئة (٩٩). ومظهر الانسجام في آخر الأمر هو الخط - غير مستخدم في بيان حدود الأشياء ومحيطها الخارجي، بل مستخدم في بناء الأشكال التي تعبر عن النفس بطريق الإيحاء أو الرمز. وتكاد دقة الخطوط وجمالها أن يكونا وحدهما في فن التصوير الصيني السبب الوحيد في براعة التنفيذ المستقلة عن قوة الإدراك والشعور والخيال. ومن أجل هذا كان من واجب المصور أن يلاحظ ما يريد تصويره بصبر وعناية، وإن يكون ذا شعور قوي مرهف، وأن يضبط أحاسيسه أدق الضبط وأحكمه، وأن يتبين غرضه واضحاً، ثم ينقل بعد هذا على الحرير ما تمثله في خياله، نقلا لا يترك فيه مجالاً للإصلاح أو التعديل، وذلك بعدد قليل من الضربات المتواصلة السهلة. وقد وصل فن التصوير بالخطوط ذروة مجده في الصين واليابان، كما اقترب فن التلوين من ذروة مجده في البندقية وفي الأراضي الوطيئة.

ولم يُعن فن التصوير الصيني بالواقعية في يوم من الأيام، بل كان يهدف إلى الإيحاء أكثر مما يهدف إلى الوصف. أما "الحقيقة" فقد تركها للعلم ووهب نفسه للجمال. ولقد كان هذا النوع من التصوير فرعاً لم ينبت في غير بلاد الصين، ثم ترعرع وازدهر بعض الازدهار تحت سماء صافية، فأصبح كافياً لأن يستهوي نفوس أعظم أساتذة الفن ويملك عليهم تفكيرهم، وأن يكون تناولهم لرقعة التصوير الفارغة وتقسيمها تقسيماً يتناسب مع ما يريدون تصويره، أن يكون هذا وذاك محكاً تختبر به قدرتهم ومهارتهم. ومن الموضوعات التي كانت تعرض على طالبي الالتحاق بمجمع هواي دزونج للتصوير موضوع يوضح لنا مقدار توكيد الصينيين للإيحاء غير المباشر وعنايتهم به لا بالتصوير الصريح. ذلك أن المتسابقين