ولكن هواء الجبل البارد في بيروجيا لم يلائمها، فانتقلت الأسرة إلى ريميني، ثم إلى كيودجا. ودخل كارلو دومنيكية في ريميني، ثم إلى كودجا. ودخل كالو كلية دومنيكية في ريميني، حيث كان يتلقى كل يوم جرعات من كتاب القديس توما الأكويني "قمة اللاهوت". وإذ لم يجد شيئاً يثير مشاعره في تلك الرائعة من روائع العقلانية فقد قرأ أرستوفان، وبلوتس، وترنس، فلما قدمت فرقة من الممثلين إلى ريميني انضم إليها فترة طالت إلى حد أدهش أبويه في كيودجا. فوبخاه وعانقاه، ثم أرسلاه ليدرس القانون في بافيا. وفي ١٧٣١ نال درجته الجامعية وبدأ ممارسة المحاماة، ثم تزوج، "وكان الآن أسعد رجل في العالم"(٧١)، اللهم إلا أنه أصيب بالجدري في ليلة زفافه.
وجذبته البندقية فعاد إليها، ونجح في المحاماة، وأصبح قنصلاً هناك لجنوه. ولكن المسرح ظل يستهويه، وهفت نفسه للكتابة، واشتهى أن تخرج مسرحياته. مثلت مسرحيته "بلزاريوس" في ٢٤ نوفمبر ١٧٣٤ بنجاح ملهم، وظلت تعرض يومياً حتى ١٤ ديسمبر، وضاعف سروره افتخار أمه العجوز به. على أن البندقية لم تكن تستسيغ التراجيديا، ففشلت مسرحياته التالية التي من هذا النوع، فانصرف حزيناً إلى الكوميديا. ولكنه رفض كتابة الفارصات "الكوميديا ديللارتي"، وأراد أن يؤلف كوميديات السلوك والأفكار على طريقة موليير، وألا يعرض على خشبة المسرح شخوصاً ثابتة تجمدت في أقنعة، بل شخصيات ومواقف مشتقة من الحياة المعاصرة. واختار بعض الممثلين من فرقة كوميديا البندقية، ودربهم، وأخرج في ١٧٤٠ "مومولو" رجل البلاط. "ونجحت التمثيلية نجاحاً مدهشاً، وكان في هذا ما أرضاني"(٧٢). ولكنه لم يرضَ تماماً، لأنه كان قد نزل عن بعض أفكاره بتركه الحوار كله دون أن يكتبه إلا للدور الرئيسي، ويخلفه أدواراً لأربعة من الشخوص المقنعة التقليدية.
وراح يدفع إصلاحاته خطوة خطوة. ففي مسرحية "المرأة الشريفة" كتب لأول مرة الحركة والحوار كاملين. وهبت فرقة معادية لتنافس