للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد وجد مالية البابوية تشكو الفوضى: فنصف الإيرادات يضيع في الانتقال من بلد إلى بلد وثلث سكان روما كنسيون يفوق عددهم كثيراً ما تحتاج إليه شؤون الكنيسة، ويكلفونها من النفقة ما لا تطيقه. فأنقص بندكت موظفيه الشخصيين، وطرد أكثر جنود الجيوش البابوية، وأنهى محسوبية الأقارب، وخفض الضرائب، وأدخل الإصلاحات الزراعية، وشجع المشروعات الصناعية، ولم يمر طويل وقت حتى أثمرت أمانته واقتصاده وكفاءته فائضاً للخزانة البابوية. أما سياسته الخارجية فقد قدمت تنازلات ودية للملوك المشاغبين، فوقع مع سردينيا والبرتغال ونابلي وأسبانيا اتفاقات سمحت لحكامها الكاثوليك بالترشيح لكراسي الأسقفية. وجاهد ليهدئ الضجة العقائدية في فرنسا، بالتراخي في تنفيذ الأمر البابوي Unigenitus ( الوحيد الجنس) الصادر ضد الجانسنيين، "ماد الإلحاد يزداد كل يوم فعلينا أن نسأل إن كان الناس يؤمنون بالله لا إن كانوا يقبلون الأمر البابوي (٨٨) ".

وبذل جهوداً شجاعة ليعثر على حل وسط مؤقت Modus Vivendi مع حركة التبرير. وقد لاحظنا تقبله الودي لإهداء فولتير مسرحية (محمد) إليه رغم أن المسرحية كانت تسلط عليها نيران الكنيسة في باريس (١٧٤٦). وعين لجنة لمراجعة كتاب الصلوات اليومية ولتخليصه من بعض الأساطير الأبعد تصديقاً، على أن توصيات اللجنة لم تنفذ. واستطاع بنشاطه الشخصي أن يحقق انتخاب دالمبير بمجمع بولونيا (٨٩). وكان يثبط التحريم المتعجل للكتب. فلما أشار بعض مساعديه عليه بشجب كتاب لامتري "الإنسان الآلة" أجاب أليس من واجبكم أن تكفوا عن إبلاغي بوقاحات الحمقى؟ "اعلموا أن للبابا يداً مطلقة ليمنح البركات فقط (٩٠) " وقد تخلت قائمة الكتب المحرمة التي أصدرها في ١٧٥٨ عن جميع محاولات تعقب المؤلفات غير الكاثوليكية. واقتصرت-فيما عدا استثناءات قليلة-على خطأ بعض الكتب التي ألفها كتاب كاثوليك. وأمر بألا يدان كتاب قبل أن يعطى مؤلفه إن وجد فرصة للدفاع عن نفسه، ولا يدان كتاب في موضوع علمي إلا بعد استشارة الخبراء. وينبغي أن يؤذن لرجال العلم أو الدرس دون