ونحت بييترو براتشي مجموعة نبتون وفريقه الوسطي (١٧٣٢)، ونحت فليبو ديللافاللي تمثل الخصوبة والشفاء، وقد نيكولو سالقي الخلفية المعمارية، وأكمل جوزيبي يانيني العمل في ١٧٦٢، وربما أوحت مشاركة العقول والأيدي الكثيرة على هذا النحو خلال ثلاثين سنة بأنه هناك شيء من التخاذل في الإرادة أو الفقر في الموارد، ولكنها تدحض أي فكرة بأن الفن في روما كان ميتاً. وأضاف براتشي إلى مآثره مقبرة (هي الآن في كاتدرائية القديس بطرس) لماريا كلمنتينا سوبيسكا، الزوجة التعسة لجيمس الثالث المطالب الاستيوراني بالعرش، وخلف دللافاللي في كنيسة القديس أغناطويس نقشاً بارزاً رقيقاً يمثل البشارة، جديراً بالنهضة الأوربية في أوجها.
أما التصوير فلم يتمخض عن عجائب في روما في هذا العصر، ولكن جوفافي باتستا بيرانيزي جعل الحفر فناً من الفنون الكبرى. ولد لبناء بالحجر قرب البندقية، وقرأ باللاديو وحلم بالقصور وأضرحة القديسين. على أن البندقية كانت تحوي من الفنانين أكثر مما تحوي من المال، أما روما فكان فيها مال أكثر من الفنانين، ومن ثم نزح جوفاني إلى روما وبدأ عمله معمارياً. غير أتن الكلب على المباني كان ضعيفاً. ولكنه صمم المباني على أي حال، أو على أصح رسم مباني غريبة الأشكال تبدو كأن "السلالم الأسبانية" سقطت فوق "حمامات دقلديانوس". ونشر هذه الرسوم في ١٧٥٠ باسم "رسوم مختلفة" و"كارتشيري"(المسجون)، واشتراها الناس كأنهم يشترون الألغاز أو الأسرار الغامضة. ولكن بيرانيزي وجه مهارته في حالاته النفسية الأنبل إلى حفر رسومه التخطيطية للآثار القديمة. فقد عشقها كما عشقها بوسان وروبير، وأحزنه أن يرى هذه الأطلال الرائعة تزداد تحللاً يوماً بعد يوم بفعل النهب أو الإهمال، وظل طوال خمسة وعشون عاماً، في كل يوم تقريباً، يخرج ليرسمها، وفوته أحياناً تناول وجباته من الطعام، بل أنه حتى وهو يموت من السلطان واصل الرسم والنقش والحفر. وقد ذاع مؤلفاه "الآثار الرومانية" و"مناظر