وكبح شارل قوة النبلاء باجتذابهم إلى بلاطه حتى يكونوا تحت ناظري الملك، وبإقامة نبلاء جدد يلتزمون بتأييده. وثبط تدفق الشباب على الأديرة، وأنقص جموع الكنسيين من ١٠٠. ٠٠٠ إلى ٨١. ٠٠٠، وفرض ضريبة قدرها اثنان في المائة على ممتلكات الكنيسة، وحد من حصانات الأكليروس القانونية. وضيق تانوتشي من سلطة النبلاء القضائية، وحارب الفساد في القضاء، وأصلح الإجراءات القضائية، وخفف من صرامة قانون العقوبات. وأبيحت حرية العبادة لليهود، ولكن الرهبان أكدوا لشارل أن افتقاده الوريث الذكر لعرشه هو العقاب الذي أنزله به الله جزاء تسامحه الآثم فسحب الغفران من اليهود (٩٦).
وكان ولع الملك بالبناء الفضل في إقامة صرحين شهيرين في نابلي. وأحدهما هو "التياترو سان كارلو" الشاسع، وقد أقيم ١٧٣٧ وما زال واحداً من أوسع وأجمل دور الأوبرا الموجودة. وفي ١٧٥٢ بدأ لويجي فانفيلتي يبني الصرح الآخر في كازوتا على واحد وعشرين ميلاً شمالي العاصمة، وهو قصر ملكي هائل صمم لينافس فرساي وليقوم بوظيفة في إيواء الأسرة المالكة ونبلاء الحاشية وأهم الموظفين الإداريين. وقد اقتضى بناؤه كد العبيد سوداً وبيضاً طوال اثنين وعشرين عاماً. وكانت الأبنية ذات المنحيات تقوم على جانبي مدخل فسيح إلى الصرح الأوسط الذي مد واجهته ٣٠ قدماً. وقام في الداخل مصلى ومسرح وغرف لا حصر لها وسلم مزدوج عريض كانت كل درجة فيه لوحة رخام واحدة. وامتدت وراء القصر على طول نصف ميل الحدائق المنسقة، وعدد غفير من التماثيل، ونافورات فخمة تغذيها قناة طولها سبعة وعشرون ميلاً.
ولم يكن في نابلي فن متميز في هذا العصر غير قصر كازيرتا هذا (لأن القصر أطلق عليه اسم مدينته شأن الأسكوريال وفرساي)، ولا كان هناك شيء يستحق الذكر في الدراما أو الشعر. لقد ألف رجل كتاباً جريئاً "التاريخ المدني لملوك نابلي"(١٧٢٣) وهو هجوم متواصل على جشع الأكليروس، ومفاسد المحاكم الكنسية، وسلطة الكنيسة الزمنية، ودعوى