في فرنسا حتى جول ميشليه (١٨٢٧) ترجمة مختصرة لكتاب العلم الجديد. وقد وصف ميشليه إيطاليا بأنها "الأم الثانية والحاضنة التي غذتني في صباي بفرجل، وفي شبابي بفيكو (١١٣) ". وفي ١٨٢٦ بدأ أوجست كونت المحاضرات التي أصبحت فيما بعد "مجموعة محاضرات في الفلسفة الوضعية"(١٨٣٠ - ٤٢)، وفيها يشعر بتأثير فيكو في كل خطوة.
أما الإنصاف الكامل لفيكو فلم يأت إلا على يد رجل نابولي هو بنديتو كروتشي (١١٤)، الذي ألمع هو الآخر إلى أن التاريخ يجب أن يتخذ مكانه إلى جوار العلم أساساً ومدخلاً للفلسفة.
جـ - موسيقى نابلي
تليت نابلي قول فيثاغورس، قرأت أن الموسيقى أرفع ضروب الفلسفة. وقد كتب لالاند، الفلكي الفرنسي، بعد جولة في إيطاليا في ١٧٦٥ - ٦٦يقول:
"إن الموسيقى هي الانتصار الأعظم للنابوليين، وكأن أغشية طبلة الأذن في ذلك البلد أشد توتراً وتناغماً ورنيناً منها في أي بلد آخر في أوربا. فالأمة كلها تغني. وإيماءات الجسد، والنبرة، والصوت، وإيقاع المقاطع بل والحديث نفسه-كلها تتنفس الموسيقى. ومن ثم كانت نابلي المصدر الرئيسي للموسيقى الإيطالية، ولكبار الملحنين، والأوبرات الممتازة، ففيها أخرج كوريللي وفنتشي ورينالد وجوميللي ودورانتي وليو وبرجوليزي … وكثير غيرهم من أعلام الملحنين روائعهم (١١٥) ".
على أن نابلي تفوقت في الأوبرا الألحان الصوتية فقط، أما في الموسيقى الآلية فقد عقدت الزعامة للبندقية، وشكا هواة الموسيقى من أن أهل نابلي أحبوا جيل الصوت أكثر من لطائف الهارموني (التوافق) والكونترابنت. هنأ ملك نيكولوبو ريورا، "الذي ربما كان أعظم من عاش من معلمي الغناء (١١٦) ". وكان كل شادٍ إيطالي يصبو إلى أن يكون تلميذه، فإذا قبله