حتى يتزوجها، أما الموسيقى فساعة حافلة بالمرح والألحان الرشيقة. وقد أسلفنا كيف أسر هذا المرح البارع مزاج باريس وقلبها في "حرب المهرجين" في ١٧٥٢، التي عرضت في الأوبرا مائة مرة، ثم ستاً وتسعين مرة أخرى في ١٧٥٣ في التياتر فرانسيه. وقاد برجوليزي أثناء ذلك أوبراه "الأولمبياد" في روما (١٧٣٥)، فقوبلت بعاصفة من صفير الاستهجان، وببرتقالة صوبت بدقة على رأس الملحن. (١٢٣) وبعد سنة ذهب إلى بوتسرولي ليعالج من إصابته بالسل، الذي ازداد فداحة من جراء أسلوب حياته الخليع. وقد كفر موته الباكر عن آثامه، ودفنه في الكاتدرائية المحلية الرهبان الكبوشيون الذين أنفق معهم أيامه الأخيرة. أما روما التي ندمت على فعلتها بعثت "الأولمبياد" من جديد، وصفقت لها في طرب شديد، واليوم تحفظ له إيطاليا ذكرى مجيدة لا لفواصله المرحة بقدر ما تحفظها له لرقة العاطفة في "آلام العذراء" التي لم يعش ليكملها. وقد جعل برجوليزي نفسه موضوعاً لأوبراوين.
وقد أصاب دومنيكو سكاربوتي ما أصاب برجوليزي من مبالغة طفيفة نفختها فيه رياح الذوق، ولكن من ذا الذي يستطيع مقاومة تألق براعته وخفة يده؛ ولد في عام العجائب، عام هندل وباخ (١٦٨٥)، وكان الطفل السادس لألكساندور سكارلاتي، الذي كان آنئذ فردي الأوبرا الإيطالية. وقد تنفس الموسيقى منذ ولد. فقد كان أخوه بييترو، وابن عمه جوزيبي، وعماه فرانشيسكو وتومازو موسيقيين. وكانت أوبرات جوزيبي تخرج في نابلي وروما وتورين والبندقية وفيينا. وخشي الأب أن تختنق عبقرية الفتى دومنيكو بهذه الوفرة في المواهب فبعث به إلى البندقية وهو في العشرين وقال، إن ابني هذا نسر كبر جناحاه، فيجب ألا يبقى في العش، وعلي ألا أعطل طيرانه (١٢٤).
وفي البندقية واصل الشاب دراساته والتقى بهندل. ولعلهما قصدا روما حيث دخلا بتحريض من الكردينال أوتوبوني في مباراة ودية على الهاربسكورد ثم على الأرغن. وكان دومنيكو يومها أفضل عازف على