للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإرادة، وشدة الذكاء، وحدة الطبع، واحتقار الوساوس الذي تميزت به النساء كما تميز الرجال الذين هيمنوا على إيطاليا القرن السادس عشر. وقد وجدت في فليب رجلاً عاجزاً عن الحسم؛ عاجزاً عن النوم منفرداً، ومن ثم أصبح فراشها عرشها الذي تحكم منه أمة، وتدير جيوشاً، وتظفر بإمارات إيطالية. ولم تكن قد عرفت أي شيء تقريباً عن أسبانيا. ولم تألف قط الخلق الأسباني ولكنها درست ذلك الخلق، ونجحت في التعرف على حاجات البلد؛ وأدهش الملك أن يجدها لا تقل عن وزرائه إطلاعاً وسعة حيلة.

وكان فليب في سنوات حكمه الأولى قد استخدم جان أوري وغيره من المساعدين الفرنسيين لإعادة تنظيم الحكومة على الأسس التي وضعها لويس الرابع عشر: إدارة ومالية ممر كرتان مراقبتان، مع بيروقراطية مدربه ونظار إقليمين؛ وكلهم خاضعون لسلطة المجلس الملكي التشريعية والقضائية والتنفيذية؛ وأسمه هنا "مجلس تشتالة" Consejo de Castilla؛ فقل الفساد؛ وحد من الإسراف-إلا في عمليات البناء الخاصة بالملك. ثم خلف هؤلاء الوزراء الفرنسيين في ١٧١٤ إيطالي كفء طموح هو الاباتي جوليو البيروني، الذي جعل نشاطه الأسبانيين يرتعدون. وكان أبناء لبستاني في بياتشنزا، وصل إلى أسبانيا بوصفه سكرتيراً لدوق فندوم. وكان أول من اقترح إيزابيللا فارنيزي زوجة ثانية لفليب، فيسرف وصوله إلى السلطة عرفاناً بصنيعه. وقد وفقا معا في إقصاء الملك عن شؤون الدولة. وعن أي مشورة غير مشورتهما. وخططا معاً لبناء قوات أسبانيا المسلحة واستخدامها لطرد النمساويين من إيطاليا واستعادة النفوذ الأسباني في نابلي وميلان، وإقامة عروش للأذواق يزينها يوماً ما أبناء إيزابيللا البعيدة النظر.

وطلب البيروني خمس سنين للاستعداد، فأحل في المناصب الرئيسية رجالاً أكفاء من الطبقة الوسطى محل الكسالى من حملة الألقاب، وفرض الضرائب على الأكليروس القساوسة المتمردين (١٣)، وخرد السفن البالية وبنى خيراً منها، وأقام القلاع والترسانات على طول السواحل