وبدأ شارل باستيراد الغلال والبذور للأقاليم التي اندثرت فيها الزراعة. وحث المدن على أن تؤجر أراضيها المشاع غير المزروعة للفلاحين بأقل إيجار عملي. وأنشأ فلوريدا بلايكا ببعض إيرادات التاج من دخول الرتب الكنسية الشاغرة أرصدة دينية في بلنسية وملقا لإقراض المال للمزارعين بفائدة منخفضة. ولكي يحد شارل من إزالة الغابات وتعرية التربة أمر جميع الكومونات بأن تزرع كل سنة عدداً محدداً من الأشجار. ومن هنا ذلك الاحتفال السنوي بـ"يوم الشجرة" الذي ظل في نصف الكرة تقليداً صحياً أيام شبابنا. وقد شجع إغفال الأوقاف القديمة، وثبط وقف الجديد منها، وبهذا يسر تجزئة الضياع الكبيرة إلى ملكيات للفلاحين. ثم اختزلت امتيازات احتكار أغنام المستا اختزالاً حاداً وأبيح زرع مساحات كبيرة من الأرض كانت من قبل حكراً للرعي. واستقدم المستعمرون الأجانب لتعمير المناطق الخفيفة السكان. مثال ذلك أن أولافيدي أنشأ (١٧٦٧ وما بعدها) في إقليم سبيرا مورينا بجنوب غربي أسبانيا، الذي كان إلى ذلك الحين متروكاً للصوص والوحوش، أربعاً وأربعين قرية وإحدى عشرة مدينة مأهولة بالوافدين الفرنسيين أو الألمان، وأصبحت هذه المستوطنات مشهورة برخائها. وشقت القنوات الطويلة لربط الأنهار وري مساحات واسعة من الأرض كانت من قبل جرداء قاحلة. ثم شقت شبكة من الطرق الجديدة كانت في فترة خير الطرق في أوربا (٦٢)، فربطت القرى والمدن في تيسير يعين على سرعة المواصلات والنقل والتجارة.
ومدت الحكومة يد العون للصناعة. ورغبة في إزالة الوصمة التي ألصقتها التقاليد بالعمل اليدوي، أعلن مرسوم ملكي أن لا تعارض بين الأعمال الحرفية وشرف المكانة الاجتماعية، وأن الحرفيين يصح منذ الآن اختيارهم للوظائف الحكومية. وأنشئت المصانع النموذجية: للمنسوجات في وادي الحجارة وسقوبية، وللقبعات في سان فرناندو، وللحرائر في طلبيه، وللصيني في بوين رتيرو، وللزجاج في سان إلدفونسو، وللزجاج والأثاث الخشبي الفاخر وقطع النسيج المرسوم في مدريد. وشجعت المراسيم الملكية تطور