في مدريد ملتقى لرجال الأدب وقد ألف الهجائيات على طريقة جوفينال، موبخاً الفساد الذي وجده في الحكومة والقانون، وتغنى بمناهج الحياة الريفية الآمنة المطمئنة شأن كل ساكن للمدن. ونظم نقولا فرنانديز دي موراتن شعراً ملحمياً تناول مغامرات كورتيز، ويقول العارفون أن-هذه القصيدة "أرفع قصيدة من نوعها أنجبتها أسبانيا في القرن الثامن عشر (٨٤) ".
وكانت الأشعار المرحة المهذبة التي نظمها دييجو جونزالز، الراهب الأوغسطيني، أحب إلى الشعب من قصيدته التعليمية "مراحل الإنسان الأربع" التي أهداها إلى خوفيللانوس. كذلك اتخذ دون توماس دي أيريارتي أي أوروبيزا اتجاهاً تعليمياً في قصيدته "في الموسيقى"، وكان خيراً منها "قصصه الخرافية"(١٧٨٢) التي طغت مغامز العلماء وأكسبته شهرة لم تزل حية إلى اليوم. وترجم بعض مآسي فولتير وملاهي موليير، وسخر من الرهبان "الذين يتسلطون على السموات وعلى ثلثي أسبانيا"، وقد حاكمه ديوان التفتيش فأنكر آراءه، ومات بالزهري وهو في الحادية والأربعين (١٧٩١)(٨٥).
وفي ١٧٨٠ أعلنت الأكاديمية الأسبانية عن جائزة تمنح لقصيدة تمجد الحياة الرعوية. فقال إيريارتي الجائزة الثانية ولم يغفر قط لصاحب الجائزة الأولى، لأن ميلانديز فالديس مضى ليصبح كبير الشعراء الأسبان في ذلك العهد. وتودد خوان إلى خوفيلانوس، وحصل بنفوذه على كرسي الإنسانيات في جامعة سلمنقة (١٧٨١) وهناك أقنع الطلاب أولاً، ثم الكلية، بدراسة منهج أكثر اقتحاماً، بلغ إلى حد قراءة لوك ومونتسيكو. وألف في أوقات فراغه فيما بين المحاضرات مجلداً من الأغاني والشعر الرعوي-هو استحضارات حية لمشاهدة الطبيعة في أبيات بلغت من الرقة وكمال الصقل ما لم تقرأه أسبانيا منذ أكثر من قرن. وكان للرضى الذي أسبغه عليه خوفللانوس الفضل في ترقيته إلى منصب القضاء بسرقسطة وإلى محكمة القضاء العالي في بلد الوليد، وأضرت السياسة بشعره. فلما نفي خوفيللانوس (١٧٩٨) أقصى ميلانديز أيضاً. فجرد قلمه للتنديد بغزاة