للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرب المخربة ومن امتناع الرعاية الامبراطورية؛ منها ان نمو تجارة الصادرات قد اغرى الفنانين بان يخرجوا قطعاً خزفية توائم ذوق المشترين الاوربيين.

واذ كان ذلك الذوق لايبلغ من السمو ما بلغه ذوق اهل الصين فان القطع المنحطة قد طردت القط الثمينة من التداول، كما تطرد العملة الرديئة العملة الطيبة حسب قانون جريشام (١).

وما ان حل عام ١٨٤٠ حتى شرع مصنع انجليزي اقيم في مدينة كانتون يخرج انواعاً منحطة من الخزف ويصدرها إلى اوربا ويسميها "الاواني الصينية". ثم قامت مصانع في سيفر بفرنسا، ومايسن في المانيا وبورسلم في انجلترا تحاكي خزف الصينيين، وقللت من نفقات الانتاج باستخدام الآلات، واخذت تستحوذ عاماً بعد عام على تجارة الخزف الصينية الخارجية.

وكل ما بقى حتى الان هو ذكرى ذلك الفن الذي خسره العالم خسارة كاملة لاتكاد تقل عن خسارته لزجاج العصور الوسطى الملون. ولقد عجز الخزافون الاوربيون رغم ما بذلوه من محاولات وجهود جبارة عن ان يبلغوا ما بلغه الخزافون الصينيون من الدقة والمهارة. وحسب الفنانين الصينيين فخراً ان الخبراء العالميين يضاعفون في كل عقد من السنين اثمان ما بقى من روائع فن الخزف الصيني، فتراهم يطلبون خمسمائة ريال ثمناً لقدح الشاي، ويبيعون المزهرية التي يفي صورة شجرة العوسج بثلاثة وعشرين ألف ريال، وفي عام ١٧٦٧ وصل ثمن إناءين من الخزف بلون العقيق يعرفان "بكلبي فو" في احد المزادات إلى خمسة اضعاف ما وصل اليه ثمن صورة "الطفل يسوع" لجيدورتي، والى ثلاثة امثال ما وصل اليه ثمن صورة "الاسرة المقدسة" لرفائيل (١١٥). على أن كل من أحس بعينيه وأصابعه، وبكل عصب من اعصاب جسمه، جمال الخزف الصيني يغضب


(١) هو قانون النقد المشهور الذي يقول إنه وجد في بلد ما عملتان إحداهما جيدة والأخرى رديئة فإن الرديئة لا تلبث أن تطرد العملة الجيدة. (المترجم)