وفي ١٩ مايو ١٧٦٩ انتخب باجماع آراء الكرادلة الأربعين، واتخذ اسم كلمنت الرابع عشر، وكان يومها في الثالثة والستين.
ثم ألفى نفسه واقفاً تحت رحمة الدول الكاثوليكية. ففرنسا ونابلي تتشبثان بالأقاليم البابوية التي استولتا عليها، وأسبانيا وبارما تتخذان موقف التحدي، وهددت البرتغال بإقامة بطريركية مستقلة عن روما، بل أن ماريا تريزا التي كانت حتى ذلك الحين حارة الولاء للبابوية واليسوعيين ولكنها الآن فقدت سلطانها الذي انتزعه منها ابنها حر التفكير جوزف الثاني، وردت على نداء البابا بطلب معونتها بأنها لا تستطيع مقاومة الإرادة الموحدة لمثل هذا العدد الكبير من الملوك والحكام. وأصدر شوازيل الذي كان مسيطراً على حكومة فرنسا آنذاك تعليماته لبيرني بأن يخبر البابا أنه "إذا لم يستطع التوصل إلى تفاهم مع فرنسا ففي استطاعته أن يعتبر كل علاقاته به منتهية (٢٤) ".
وكان شارل الثالث ملك أسبانيا قد أرسل مثل هذا الإنذار النهائي في ٢٢ إبريل. أما كلمنت، الذي حاول كسب الوقت، فقد وعد شارل بأنه عن قريب "سأرفع إلى حكمة جلالتكم وذكائكم خطة للقضاء المبرم على الجمعية (٢٥) ". وأمر مساعديه بالرجوع إلى السجلات وتلخيص تاريخ جمعية اليسوعيين وإنجازاتها وجرائمها المزعومة. ورفض التسليم بما طالب به شوازيل من الفصل في النزاع خلال شهرين. وقد اقتضاه الفص ثلاث سنين، ولكنه أذعن في النهاية.
ففي ٢١ يوليو ١٧٧٣ وقع الرسالة البابوية التاريخية، وقد بدأت بقائمة طويلة من الجماعات الدينية التي حظرها الكرسي البابوي المقدس على مدى الأيام، وذكرت الشكاوى الكثير التي رفعت ضد اليسوعيين، والجهود الكثيرة التي بذلها البابوات لعلاج المساوئ المزعومة. "وقد لاحظنا ببالغ الحزن أن هذه العلاجات وغيرها مما استعمل بعد ذلك لم يكن لها من الفاعلية أو القوة ما يضع حداَ لهذه المتاعب والتهم