الباني الفخمة (١٧٥٨) التي جمع فيها الكردينال الباني بإرشاد فنكلمان مجموعة عالمية الشهرة من المنحوتات القديمة-لا تزال غنية رغم طول لعدوان عليها. (فقد سرق نابليون ٢٩٤ من تحفها لفرنسا، وربما كان هذا هو العلة في قول إيطالي مأثورة في تلك الأيام: ليس كل الفرنسيين لصوصاً، بل عدد عديد منهم).
وأنجبت البندقية أكثر كبار المصورين الإيطاليين في تلك السنة، وقد ورث ثلاثة منهم أسماء مشهورة. أولها أليساندرو لونجي بن بييترو، الذي أبرز عبقرية قومه بصور شخصية رقيقة منها صورتان لجولدوني (٧١). ولقد رأينا من قبل دومنيكو تيبولو يصحب أباه إلى أوجزبورج ومدريد، ويعرض في تواضع تخصصه على عامة الشعب. ففي مضيفة فيلا فالمارنا أستهل إنتاجه المستقل بصور المشاهد اليومية في حياة الريف، فصورة "الفلاحين يستجمون" أشبه بالقصيدة الرعوية، تصور أدواتهم وقد سقطت عنهم، وتصور استرخاءهم في دعة واطمئنان. وبعد أن مات أبوه في أسبانيا عاد دومنيكو إلى البندقية وأطلق العنان لأسلوب الواقعية الساخرة الذي اتخذه لنفسه (٧٢).
وثالث هؤلاء هو فرانشسكو جواردي، صهر جامباتستا تيبولا، الذي تعلم التصوير من أبيه، وأخيه، وكانا ليتو. وقد فاته التقدير في جيله، ولكن لوحته "فيدوتي" لفتت أنظار النقاد ببراعتها في التقاط ونقل لطائف الضوء وتقلبات الجو، وربما أوحى ببعض الإلماعات للتأثريين الفرنسيين. ولم ينتظر تحذير كونستابل الذي قال "تذكر أن الضوء والظل لا يقفان ساكنين أبداً"(٧٤) وكأنما صممت أجواء البندقية ومياهها لتهيئ هذه المناظر المضببة المنصهرة. وقد ذكروا أن جواردي كان أحياناً يحمل مرسمه في زورق ويسير به على القنوات الصغرى ليلتقط مناظر لم تبتذل بطول إلف الناس لها. وكان يرسم الناس بغير عناية، وكأنه شعر بأنهم ليسوا سوى