للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تصميمات للمباني الحكومية في بودا؛ وبدأ العمل في ١٧٦٩، ثم جدد في ١٨٩٤ فأعطى العاصمة القديمة بناء من أروع المباني الملكية في العالم. وشيد أغنياء النبلاء المجريين القصور الريفية الفخمة على الدانوب أو في خلواتهم الجبلية منافسين في ذلك الملكة، فبنى الأمير بال أسترهاتي مقراً لأسرته في أيزنشتات (١٦٦٣ - ٧٢) وبنى الأمير ميكلوس يوزف أستراهاتي بطراز النهضة على نحو ثلاثين ميلاً قلعة أسترهاتي الجديدة (١٧٦٤ - ٦٦) التي ضمت ١٢٦ حجرة للضيوف، وردهتين كبيرتين للاستقبالات وحفلات الرقص، ومجموعة غنية من التحف، وعلى مقربة منها مكتبة بها ٧. ٥٠٠ مجلد ومسرح به أربعمائة مقعد. ومن حول القصر حول مستنقع شاسع إلى حدائق زينت بالمغارات والمعابد والتماثيل، وجهزت بالصوبات وأشجار البرتقال والأرض المخصصة للوحوش والطيور البرية. يقول رحالة فرنسي "هذه القلعة لا يضارعها أي مكان في فخامتها-ربما باستثناء فرساي". وإليها أقبل المصورون والمثالون والممثلون والمغنون والعازفون، وهنا ظل هايدن جيلاً كاملاً يقود فرقته ويؤلف موسيقاه ويتوق للانطلاق إلى عالم أرحب.

أما بوهيميا-وهو اليوم القسم التشيكي من تشيكوسلوفاكيا-فلم تحظ بمثل هذا التفوق في عهد ماريا تريزا. وكانت قد انسحبت من التاريخ بعد حرب الثلاثين وقد حطم روحها القومي حكم أجنبي وعقيدة كاثوليكية فرضت على شعب عرف يوماً يان هوس وجيروم البراغي. وعانت الملايين الثمانية التي تسكنها من جراح الحرب في الصراع المتكرر الذي دارت رحاه بين روسيا والنمسا، وانتقلت عاصمتها التاريخية من يد إلى يد مراراً وتكراراً، إذا كانت ملكتها الغربية تنتقل من هزيمة إلى نصر إلى هزيمة. واضطرت بوهيميا إلى أن تقنع باستقلال في الثقافة والذوق، فنشأت مؤلفيها الموسيقيين أمثال جيورج بندا، وتفردت براغ باستقبالها الحار لأول عرض لأوبرا موتسارت "دون جوفاني" (١٧٨٧)، التي لم تصب بعد ذلك في فينا غير إطراء فاتر كان أشبه بالذم منه بالمديح.

وأما في الأراضي الواطئة النمساوية فقد كان كفاح النبلاء المحليين