ونافس جلوك الآن لويس الخامس عشر المحتضر محوراً لحديث باريس. وكان بدنه الضخم القوي ووجهه الأحمر وانفه الكبير يشار إليها كلها حيثما ذهب. وأصبح طبعة الغضوب موضوعاً الغضوب موضوعاً لعشرات النوادر. ورمم له جروز صورة ظهرت فيها طبيعته الطيبة المرحلة من خلف خطوط النضال والتوتر. وراح يأكل كما يأكل الدكتور جونسون، ويسرف في الشراب إسرافاً لا يبرزه فيه غير بوزويل، ولم يتظاهر باحتقار المال، وكان يبادر للاشتراك في الثناء على عمله. وقد عامل الحاشية وعامة الناس معاملة واحدة باعتبارهم أدبي منه قدراً، وكان ينتظر من كبار النبلاء أن يناولوه باروكته ومعطفه وعصاه، ولما قدم إليه أحد الأمراء فلم يبرح جلوك مقعده علل سلوكه هذا بقوله "لقد ألف الناس في ألمانيا ألا يقوم الواحد منهم إلا لمن يحترمه (١٤) ".
وكان مدير الأوبرا قد أنذروه بأنه في حالة نجاح "إفجيني وأوليد"، فسيضطر جلوك إلى كتابة خمس أوبرات أخرى في تعاقب سريع، لأن إفجيني ستطرد جميع الأوبرات الأخرى من المسرح. ولم يرهب الإنذار جلوك أنه اعتاد أن يقتطع أجزاء من مؤلفاته القديمة ويحشرها في الجديدة وترجمت له "اورفيو واوريديتشي" إلى الفريسة، ولما لم يجد مغنياً كفوءاً ذا صوت رنان "كونترالتو" في متناوله، أعاد كتابة دور اورفيو لليجرو ذي الصوت الصارخ (التينور). أما صوفي أرنو التي لانت عريكتها الآن فقد لعبت دور اوريديتشي. ونجحت حفلة الافتتاح الباريسية نجاحاً ادفأ صدره. وجادت ماري أنطوانيت، ملكة فرنسا الآن، بمعاش قدره ستة آلاف فرنك لـ"عزيزي جلوك"(١٥). وقفل إلى فيينا ورأسه يطاول النجوم.
وفي مارس ١٧٧٦ عاد إلى باريس بترجمة فرنسية لألسست، أخرجت فلم تلق غير استحسان متوسط في ٢٣ إبريل. أما جلوك الذي تعود النجاح فقد استجاب لهذه النكسة بكبرياء غاضبة وقال "ليست ألسست من نوع الأعمال التي تسر الجمهور سروراً مؤقتاً، أو التي تسرهم لجدتها.