للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلافير (لوحة مفاتيح) قديم، وبدأ يعلم بعض التلاميذ، فأعانه هذا على الحياة. وكان أكثر الأيام يعمل ست عشرة ساعة بل أكثر، ويعزف على الكمان في الكنيسة، ثم على الأرغن في مصلى خاص للكونت هاوجفتز وزير ماريا تريزا، ويغني بصوت التينور بين آن وآخر في كاتدرائية القديس اسطفانوس. وكان لمناستازيو الشهير شقة في الميناء ذاته فحصل لهايدن على وظيفة معلم موسيقى لابنة صديق له، وعن طريق مناستازيو التقى هايدن ببوربورا، ووافق هايدن على أن يخدم أمير معلمي الغناء هذا على أي وجه شاء مقابل تعليمه التأليف الموسيقي. ثم تلقى دروس التأليف الثمينة، وكان ينظف حذاء المايسترو ومعطفه وباروكته ويقوم بمصاحبة بوربورا وتلاميذه على الكلافير. وقد قال هايدن وهو يذكر تلك الأيام فيما بعد "يستطيع الشباب أن يتعلموا من أن شيئاً يمكن أن يخرج من لا شيء. فكل ما أنا عليه الآن إنما هو ثمرة أوقات الشدة التي عانيتها (٢٧) ".

وعن طريق أصدقائه الجدد تعرف إلى جلوك، ودترزدورف وعدة أفراد من النبلاء. وأخذ كارل يوزف فون فورنبرج (١٧٥٥) ليمكث معه طويلاً في بيته الريفي-فيتزيرل-بقرب ملك، هناك وجد هايدن أوركسترا من ثمانية عازفين واتسع بعض الفراغ للتأليف. فكتب الآن أولى رباعياته. ثم أضاف إلى هيكل الصوناتا المكون من ثلاث حركات والذي نقله عن كارل فيليب إيمانويل باخ منويتا، ودون الحركات الأربع لقطع أربع، ثم أعطى الآلية شكلها الحديث. وعاد إلى فيينا في ١٧٥٦ ولفت أنظار نفر من التلاميذ النبلاء مثل الكونتيسة فون تون. ثم قبل (١٧٥٩) وظيفة مدير الموسيقى للكونت مكسمليان فون مورتزن الذي كان أوركستراه الخاص المؤلف من اثني عشر إلى ستة عشر عازفاً يعزف في فيينا شتاءً، وفي فيللا الكونت بلوكافيك ببوهيميا صيفاً. ولهذه المجموعة كتب هايدن أولى سمفونياته (١٧٥٩).

وإذ كان يكسب الآن مائتي فلورين في العام يضاف إليها المسكن والمأكل، فقد رأى أن في وسعه المغامرة بالزواج. وكان من بين تلاميذه